من الحقائق التي ينبغي أن يدركها أولئك الذين يدعون بين الحين والحين إلى الحوار والتفاوض بين «المعارضة» والحكومة أن هذا الأمر لا يمكن تحققه طالما أن «المعارضة» تتحرك من خلال دول أجنبية ومنظمات ومؤسسات من طبيعتها الانحياز إليها وإلى كل من يتخذ من الحكومة موقفاً، ذلك أنه في هذه الحالة لا يصير الحوار بين الحكومة و«المعارضة» التي يفترض أنها تريد الخير للبلاد وإنما بين الحكومة والنظام الإيراني والمنظمات والمؤسسات التي يسيطر عليها أو يؤثر فيها، وهذا أمر لا يمكن القبول به أبداً. عدا أن الأمر هنا لا يستدعي حواراً وتفاوضاً بالمعنى المطروح عبر تلك البيانات التي ازدادت أخيراً وازداد المروجون لها ويعتبرونها أساساً صالحاً للبناء عليه.

احتواء النظام الإيراني لـ «المعارضة» ودعمها معنوياً وإعلامياً ومادياً لا يمكن أن يكون في صالحها، لهذا لا تجد تلك الدعوات الاستجابة التي تتوقعها من الحكومة ولا من شعب البحرين الذي توفرت له خلال السنين العشر الأخيرة ما يكفي من أمثلة على أن الغاية من تحرك تلك المجموعة تختلف عن الذي تطرحه وترفعه كشعارات وأن علاقتها بالنظام الإيراني ليست علاقة عابرة وعاطفية لأنه هو الذي يتحكم فيها ويوجهها.

لو أن «المعارضة» تريد التوصل إلى حل يغلق هذا الملف نهائياً فإن عليها أن تعلم بأن البيانات ليست هي الطريق وإنما المبادرة بالقيام بعمل تقدره الحكومة وتتأكد من خلاله من صدق النوايا ومن التحرر من هيمنة النظام الإيراني. الطريق العملي هو اتخاذ الشخصيات البحرينية المشهود لها بالعقلانية - وهي متوفرة بكثرة - وسيلة للتواصل مع الحكومة التي لا يمكنها أن ترد مثل هذا الوسيط لأنها تثق فيه وهو بمثابة الضمانة لالتزام كل المعنيين بما يتم الاتفاق عليه.

الاستمرار في السير في الطريق ذاته الذي لم يوصل إلى نتيجة من قبل لا يمكن أن يوصل إليها من بعد، والاستمرار في الركون إلى النظام الإيراني من شأنه أن يخرب كل تحرك.