إن حصاد حياتنا نتاج أعمالنا وما نزرعه الآن نجني نتاجه في المستقبل، وأهم حصاد هم أولادنا، فلن يستقيم عود دون أن يرتوي بالشكل السليم، وأن يزرع في أرض قوية تمده بما يحتاجه لكي يستطيع مجابهة الرياح التي ستهب عليه مستقبلاً، فلا يقتلع من أرضه، فلننتبه لمن نربي عليه أمل المستقبل؛ فالتعليم في الصغر كالنقش على الحجر.

إن البعض يسرد حكايات من نسج خياله ليحجم بها حركة أبنائه ويزرع في نفوسهم قيوداً لا تنفك أبداً؛ أملاً في أن يصبحوا أطفالاً هادئين لا يصدرون ضجيجاً، وأن يلتزموا بقوانينهم المنزلية، ولكنه لا يعلم أن هذه القيود ستظل معهم طوال العمر، فلن يكون له رأي يخالف رأي زملائه خوفاً من الاختلاف عنهم وقد يكون مصيباً ولكن لا يجيد الدفاع عن وجهة نظره، فاحترسوا لما تسطرونه في هذه النفوس الصغيرة.

ينتهج بعض أولياء الأمور أساليب مختلفة في التربية تبعاً لنوع أولاده، ويفرق في المعاملة بين الأولاد والبنات ويزرع قيود الاحتياج في نفوس بناته، فيجب أن تنشأ البنت قوية تدافع عن حقوقها، وتعلم ما لها وما عليها، بدءاً من هواياتها وصولاً إلى حياتها الشخصية.

إن النشأة السوية للأطفال تساهم في إنتاج جيل يجيد فنون العيش، ويتعلم كيف يواجه العواصف، ويكون مبدعاً؛ لذا وجد الباحثون أن هناك العديد من الأخطاء التي تفرض وجهة نظر وقيداً داخلياً على بعض الأطفال حتى في اختيارهم ملابسهم وتلازمهم طيلة العمر، فتجد شاباً يرى في أقرانه الذين يرتدون الألوان المبهجة تنتقص من رجولتهم أو بنتاً لا تستيغ سوى ألوان معينة، وهذا يمثل سجنهم في حدود اختيارات محدودة مع أن الحياة مليئة، وهذا أيضاً يجعل نفوسهم تشعر بالضيق سواء لانتقاد أصحاب الحريات أو لعدم قدرتهم على الوصول إلى مثل هذه الاختيارات.

والأشد قهراً هو الاستهزاء برأي أولادكم، وألا نمهلهم الوقت الكافي للاستماع لما يريدون سرده، فكيف سيتعلمون كيفية طرح وجهة نظرهم إن لم يمارسوا منهجية الحوار مع ذويهم أولاً؛ فالاستماع لهم ومناقشتهم، ومراقبة ردة فعلهم سيعلمهم كيفية التعامل مع الآخرين، ويجنبهم الشعور بالضيق مستقبلاً لعدم قدرتهم من طرح وجهة نظرهم أو الدفاع عنها.

رفقاً بأبنائكم.. وعلى المتخصصين إعطاء دروس للمقبلين على الزواج لتصحيح المفاهيم الخاطئة، وتعليم الشباب كيفية إنشاء أسرة على الأسس الصحيحة، وكيفية التعامل مع الأطفال، فلا عيب أن نتعلم ونصحح أخطاءً نشأ عليها البعض منا؛ فالمجتمع السليم من يتعلم من أخطائه.