يتسابق البحرينيون لعمل الخير، ويزداد هذا السباق خلال شهر رمضان الفضيل، فنرى العديد من الأشخاص يتسابقون من أجل عمل الخير، والمتمثلة من خلال قوالب خيرية كثيرة، سواء من خلال مساعدة المحتاجين مباشرة، أو من خلال وسيط ثالث مثل بعض منظمات المجتمع المدني المتمثلة في الجمعيات والصناديق الخيرية، أو من خلال الحملات الرسمية للتبرعات مثل «فاعل خير» والتي تشرف عليها وزارة العدل والشؤون الإسلامية بالتعاون مع وزارة الداخلية من أجل فك كربة المعسرين والمحكومين على ذمة قضايا مالية. كما توجد هناك حملات أهلية كثيرة ترشد أهل الخير إلى بعض العوائل والحالات المتعففة والمحتاجة وفق الضوابط القانونية في تجميع المال، أو عبر العلاقات الشخصية. وبهذه الروح الوطنية تتجلى أعلى مراتب البذل والعطاء والإخاء، وهو ما يؤكد بأن المجتمع البحريني متراص ومتلاحم.

وهناك آخرون يصدرون تبرعاتهم إلى الخارج، لدول بعيدة نائية محتاجة، لبناء آبار مياه، أو بناء مدارس، أو مساكن، أو توفير مواد غذائية، وهذا الشيء رائع جداً ويجعل التكافل يخرج من النطاق المحلي إلى العالمي. ولكن لو أراد الشخص التبرع بدينار واحد فأين سيتبرع به؟؟ هل سيتبرع به لسد عوز وحاجة لمواطن في وطنه؟؟ أو لسد عوز وحاجة إنسان في أي بقعة من بقاع الأرض؟؟

بالطبع ليست هناك إجابة صحيحة، فلكل فرد الحرية في التصرف في تبرعاته، ولكل منا رأيه الخاص في ذلك، ولكن في رأيي المتواضع إن الأقربين أولى بالمعروف. فعندما أرى خدمة فاعل خير تنشر بالأدلة الدامغة حالة عوز لمواطن أو مواطن تقطع بهم السبل في الإيفاء بالتزاماتهم، وأنهم محكومين على ذمة قضية مالية لن يستطيعوا تدبير مبالغ سدادها، فمن باب أولى أن أسعى لفك ضيق هؤلاء المواطنين، وبالمثل عندما أسمع عن مواطن يحتاج إلى علاج معين ولا يملك ثمنه، فمن باب أولى أن أمد له يد العون والمساندة، وإذا كان هناك طالب علم بحريني يحتاج إلى مساعدة لمواصلة تعليمه، فمن باب أولى أن أسانده في هذا الشأن.

خلال دراستي لنظام الوقف، سألت العديد من المواطنين عن سبب عزوفهم عن الوقف داخل البحرين، ولجوئهم للوقف في الخارج؟؟ على الرغم من أن وطننا الغالي أولى بأن نوقف به مختلف المشاريع، فقيل لي: إن 30 ديناراً تحفر بئراً في بعض الدول، وأن 100 دينار تبنى مسجدا صغيراً في بعض الدول، وألف دينار تبنى مدرسة صغيرة في بعض الدول!! وها هو الأمر في البحرين أصبح سهلاً، دينار واحد منك فقط يفك كربة محتاج، دينار واحد فقط يبني مستشفى، دينار واحد فقط يوفر كمبيوتر لطالب، دينار واحد فقط يساعد في دعم الغارمين، دينار واحد فقط يستطيع أن يجعل المجتمع البحريني دون أي محتاج. فنظام التبرعات الجماعية Crowded funding، هو الشائع وهو المطلوب حالياً. وهذا ما شهدناه في حملة «فينا خير» الذي تبرع فيها صغيرنا قبل كبيرنا، حتى وصلنا إلى مبلغ 100 ألف دولار في أيام قلائل، وهذا ما نحتاجه بالفعل لتطهير أنفسنا أولاً، وللنهوض بالفئات المحتاجة في بحريننا الغالية.

* رأيي المتواضع:

البحرين أولاً، ومن بعدها يأتي الجميع، هذا ليس شعاراً بل يجب أن يكون واقعاً، فالمواطن المحتاج أولى بصدقاتك وتبرعاتك وزكاتك وخمسك، فلماذا نصدر تبرعاتنا وهناك من يستحقها في الداخل؟