خلال الأيام القليلة الماضية، شهدت الشوارع والأسواق والمجمعات حركة مكثفة للمواطنين والمقيمين، يتسابقون فيها إلى استغلال عطلة نهاية الأسبوع والتي توافقت مع موعد صرف المعاشات، لشراء مستلزمات شهر رمضان المبارك، والذي لا يفصلنا عنه إلا أقل من أسبوعين.

ومع اقتراب دخول الشهر الفضيل، لا شك أننا سنعود مرة أخرى إلى عيش تجربة صعبة بكل المقاييس، وأعني هنا تغيير كثير من العادات والسلوكيات التي تعودنا عليها لسنوات طويلة، وأهمها التقارب الاجتماعي والتزاور، في ظل تباعد اجتماعي فرضته الاحترازات الصحية لتطويق وباء كورونا.

في رمضان الماضي، ورغم كل النصائح والتوجيهات وحتى التحذيرات من خطورة التجمعات وضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية، إلا أن البعض ضرب كل ذلك عرض الحائط، غروراً أو تكبراً أو جهلاً، فسجلنا ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الإصابات، ودخلنا منحنى جديد في ارتفاع عدد الحالات آنذاك، وهو ما تطلب جهوداً استثنائية من الفريق الطبي الوطني للتعامل معه، وهو ذات الأمر الذي تكرر في أكثر من مناسبة لاحقاً.

واليوم وبعد مرور عام كامل، هل استفدنا من التجربة.. أم لا زلنا متغافلين عن دورنا وواجبنا الوطني والإنساني؟! وهل نستطيع بوعينا أن نلتزم ونعيد تسطيح منحنى الإصابات؟! وهل بإمكاننا أن نعيد رمضان إلى روحانيته ونمارس عباداتنا مع التزامنا بالإجراءات الاحترازية؟!

بالطبع نستطيع تحقيق كل ذلك، إذا وضعنا نصب أعيننا واجبنا الوطني والإنساني، وتذكرنا أن جوهر الشهر الفضيل هو الإحساس بالفقراء والضعفاء، وليس التفاخر بما نقيم مآدب وما نستقبل من زوار.

بالتأكيد نستطيع إذا منحنا أنفسنا فرصة للتأمل والتفكير فيما نعيشه، وأعدنا ترتيب أولوياتنا التي ربما نسيناها أو تناسيناها في ظل انشغالاتنا وزحمة الجري وراء اللاشيء.

لا شك أننا سنفتقد لمات العائلة وسهرات رمضان مع الأهل والأصدقاء، وجمعة الأحباء والأقرباء، ولكننا جميعاً مطالبون قبل كل ذلك أن نكون على قدر المسؤولية، وأن لا نكرر ما ارتكبنا من أخطاء في حق أنفسنا وفي حق وطننا، وأن نؤمن أننا جميعاً خط الدفاع الأول، والرهان الحقيقي للحفاظ على سلامة وصحة المواطنين والمقيمين.

* إضاءة..

للأسف الشديد، في ثورة احتفالات مملكة البحرين بختام الجولة الأولى من سباق فورمولا 1، للسنة 17 على التوالي، والفرحة بهذا الإنجاز الوطني الكبير الأحد الماضي، كنا على النقيض تماماً مع موعد آخر، أكثر أهمية وخطورة حيث تم تسجيل ما يزيد عن ألف إصابة بفيروس كورونا للمرة الأولى منذ بدء الجائحة، وكأن البعض باستهتارهم وعدم اكتراثهم يتعمدون سرقة الفرحة منا..

أقول لهؤلاء المستهترين: «اتقوا الله في هذا الوطن.. فهو لا يستحق منا إلا كل ما هو جميل»..