عندما قال أحدهم أخبرني من تصاحب أخبرك من أنت، بين أثر الصحبة وأهميتها على سلوك الفرد وأخلاقياته وتوجهاته وكمية التأثير والتغيير التي تطرأ على الفرد بسبب اختياراته لصحبته ومرافقيه.

وكذلك تطرق غوستاف لوبون وإيريك هوفر وغيرهم إلى تأثر الفرد بالقطيع والجمهور، فأعلى الناس ثقافة يتأثر بشكل غريب جداً دون أي وعي بالجماهير فيتصرف مثل تصرفهم سواء كان غوغائياً أو سلمياً مستمداً تصرفاته من التأثير المحاط به من قبل القطيع الذي يسير معه.

هذا النوع من التأثير ينعكس بشكل واضح على حياتنا اليومية وأهمية اختيار من حولنا بعناية أكبر من أجل الحفاظ على صحتنا النفسية والجسدية أيضاً، بعض العلاقات مسمومة جداً وتحدث بك ضرراً مباشراً، كصديق منحرف يجرك جراً لكل تلك الطرق التي تنتهك جسدك كالمخدرات وغيرها أو ذلك المتهور الذي من الممكن أن يودي بحياتك في تصرف لا مبال في أي أمر تخوضه معه.

أما من الناحية النفسية فالضرر يصيبنا دون أن نشعر، بل ينعكس مباشرة على أنفسنا لنتحول من شعلة نشاط إلى أشخاص منطفئين لا يكادون يتفاعلون مع أي شيء، محبطين جداً وتلفهم هالة سوداء تراها من بعيد وتشعر بها كلما اقتربت منهم.

هذا الانطفاء وهذا الشعور لم يأت من فراغ وإنما هو نتاج ترسبات وتراكمات مررت بها دون أن تشعر، كرفقة الشخص الدائم التذمر الذي يبحث عن إنسان يصب عليه كل تلك السلبية التي في قلبه وعقله ثم ينصرف بعد أن رماها في أحضان ذلك المستمع الذي لم يستفِد شيئاً سوى السلبية وموجات من الإحباط تسللت إلى داخله، ثم يأتيه آخر يشكو إليه همومه وثالث ينتقده ورابع وخامس حتى يصبح إنساناً خاوياً لا يجيد التفاعل من كمية السلبية التي يسمعها يومياً.

وهناك نوع غريب من البشر وظيفته أن يُشعرك بأنك أقل منه وأنك لا تصلح للعيش، أنت مجرد ملء للفراغ ولست أهلاً لتكون صالحاً للعيش والتفكير والاستقلال، لا تسمح لهذا النوع أبداً ولأي كانت قرابته بك أن يُشعرك بهذا الشعور الذي إن انتصر عليك ستبقى دائماً تشعر بأنك في مقامٍ أقل من معظم الناس.

على عكس من يحيط نفسه بأشخاص يبحثون عن الفرح والمرح والإنجاز، يحتفلون كلما نجح أحدهم في أمر، يشجع أحدهم الآخر، وهذا ما يذكرنا بمقولة مشهورة، هي رافق الناجحين لتكون منهم، فمرافقتك للمحبطين لن تنفعك ولن تزيدك إلا إحباطاً.

وتذكر دائماً يا صديقي أن السَعادة مُعدية فاحرصْ على مُخالطة السُعداء وأحط نفسك بجالبي الفرح لا عاشقي الحزن والكآبة، فلعلّه يصيبك شيء من سَعادتهمْ، وكما قَالت العرب قديماً: من جَاور السعيد سَعد!