فيروس كورونا المتحور اكتشفت منه حالات في البحرين، ومؤخراً ارتفعت أعداد الإصابة بشكل سلبي جداً خلافاً لما كانت عليه الحالات في الأسابيع الماضية والتي نزلت لأعداد متدنية جداً فيما مثل مؤشراً إيجابياً جداً.

لكن للأسف الأعداد تزايدت، والفيروس المتحور أصبح له وجود لدينا، والحكومة اضطرت لاتخاذ قرارات جديدة لمحاولة احتواء الحالات وضبط الأعداد، وهي ليست المرة الأولى التي تتخذ فيها هذه الإجراءات، وليست المرة الأولى التي توجه فيها الدعوات للالتزام، وهذا يثبت لنا للأسف بأن هناك مَن مازال يهون من خطر هذا الفيروس، وأن هناك مَن مازال لا يلتزم.

المشكلة في عدم الالتزام أنه لا يؤثر على أفراد معينيين أو جماعات بذاتها بل هو يؤثر على الجميع، والتأثير يمتد ليطال كافة جوانب الحياة على رأسها الأعمال الحكومية والخاصة، وحتى المشاريع التجارية، والآن بعد أن فتحت المطاعم والمقاهي وعاد أصحابها للانتعاش قليلاً للحد من خسائرهم، هاهم الآن يضطرون لإغلاقها من الداخل والاكتفاء بتقديم الخدمة في الخارج.

وإن أردنا حساب حجم الأضرار الناتجة من عدم الالتزام سنجد أنها تمتد لتشمل جوانب عديدة، ولن أنسى هنا تضرر أبنائنا في المدارس والروضات وحتى الجامعات بسبب العودة للدراسة عن بُعد، والتي لا يمكن لها أن تكون بنفس قوة وتركيز الدراسة في المنشآت الدراسية.

كل هذا يحصل رغم أننا قطعنا شوطاً كبيراً في عملية تطعيم الأفراد من خلال ما وفرته الدولة من علاجات ولقاحات مجانية، ورغم ما صرفته الحكومة على عمليات التوعية والإرشاد عبر وسائل الإعلام وما نشرته في الشوارع والمنشآت من منشورات توعوية.

المستغرب هنا من بعض الأفراد الذين وكأنهم لا يريدون إدراك حقيقة هامة معنية بهذا الفيروس العنيد، وهي أن الاستهتار لن يقودنا للانتصار عليه في مدى قريب، وحياتنا اليوم ليست كما كانت عليه قبل عام ونصف، بل كل شيء تأثر، أقلها انظروا لتأثر أبنائنا دراسياً، وانظروا لتأثر أصحاب المشاريع ممن يعتمدون في حياتهم على التجارة، والسؤال هنا: ألا تريدون استعادة حياتكم الطبيعية مثلما كانت؟!

إن كان البعض لا يهتم، فإن هذا أمر مؤسف جداً، لأن استعادة حياتنا كما كانت يعني استعادة الدولة بأكملها لكافة عملياتها بشكلها النموذجي، والتي من ورائها ينتعش الاقتصاد، وتزيد إنتاجية القطاعات، وأيضاً يستمر بناء الأجيال والاستثمار فيها، وكل هذا يسهم في استعادة الاقتصاد لقوته، ويعزز إيرادات الدولة وينعكس إيجابياً على الناس أنفسهم.

لا تستصغر ما تقوم به من استهتار وتقول بأن الضرر سيقع عليك فقط، بل الضرر يكبر ويكبر لو كل شخص قام بنفس الاستهتار الذي تقوم به، بالتالي أنت وغيرك تجرمون في حق البقية الملتزمين، بل تجرمون في حق الدولة التي قامت وقدمت كل شيء لحماية الناس واستعادة الحياة كما كانت عليه، وبدلاً من مساعدتها وتقدير جهودها، يقوم البعض بعناد واستهتار بإرجاعنا إلى الوراء.