رغم طبعي المتفائل ولست من أصحاب الميول نحو التصعيد، كنت آمل أن أشارك البعض ما توقعوه بعد الإعلان عن توقيع بيان العلا في ختام القمة الـ 41 لدول مجلس التعاون، بداية يناير الجاري، والذي كان من أهم بنوده التأكيد على عدم المساس بسيادة أي دولة أو استهداف أمنها، والبدء الفوري في إعادة ترميم البيت الخليجي ضمن أسس وقواعد واضحة وصريحة.

ومع توقيع البيان، استذكرت عشرات المرات التي حاولت بها قطر الإساءة إلى البحرين، سواء من خلال دعم جماعات الإرهاب والتطرف وتكرار الاعتداءات السافرة على أراضيها ومياهها الإقليمية واعتراض مواطنين بحرينيين في عرض البحر.. كل ذلك إضافة إلى ما تخصصه قناة الجزيرة القطرية من ساعات بث تهدف إلى زعزعة الأمن والسلم والاجتماعي في البحرين، وهو ما تعاملت معه الدبلوماسية البحرينية بكل حذر وحرص على مسيرة مجلس التعاون وطبيعة العلاقات التي تربط الشعبين البحريني والقطري.

ولكن وللأسف الشديد، لم يجف حبر التوقيع على البيان حتى قامت قوات خفر السواحل القطرية بالاعتداء على صيادين بحرينيين واعتقالهم، دون ارتكاب أي جرم، سوى سعيهم وراء أرزاقهم في مهنة توارثوها عن الآباء والأجداد منذ مئات السنين.

هذا السلوك القطري، غير المبرر، لا يمكن لأي متابع قراءته إلا من زاوية واحدة فقط، وهو سعي السلطات في الدوحة إلى إدامة الأزمة ومواصلة ما بدأته منذ سنوات طويلة في محاولة النيل من البحرين، لأسباب ليست بخافية على أحد، والعمل على تفريغ بيان قمة العلا من مضمونه الأساسي، والذي دعا صراحة إلى الحوار الثنائي بين الدول من أجل إنهاء القضايا العالقة.

مملكة البحرين وبشكل مباشر وواضح وجهت دعوة، عبر وزارة الخارجية، إلى الحكومة القطرية بسرعة إرسال وفد رسمي للتباحث حول مجمل القضايا الثنائية العالقة بين البلدين، ووضع الآليات الدبلوماسية لحلها، وهي الدعوة التي لم تتعامل معها الدوحة بجدية، ما يعني أن هناك نوايا مبيتة ضد البحرين، وهو ما كشفته الأيام القليلة الماضية، سواء بتصعيد استهداف المواطنين البحرينيين في عرض البحرين، أو من خلال ما يتم فبركته من أخبار وأكاذيب عبر قناة الجزيرة القطرية، والتي من الواضح أنها تنفذ أجندة معروفة سلفاً ومخطط لها، على أمل أن تنال من استقرار البحرين ووحدته المجتمعية ومسيرته التنموية..

* إضاءة..

بعد كل ذلك، أعادت البحرين تأكيد حرصها على تنفيذ تفاهمات العلا، وبما لا يتعارض مع سيادة المملكة وأمن مواطنيها.. ولكن هل نستطيع أن القول إن «بوطبيع ما يوز عن طبعه»؟ وهل لا يزال لدى الدوحة نوايا طيبة وحقيقية لحل الأزمة وإذابة الخلافات؟!..

نأمل ذلك..