ينص العقد الاجتماعي بين طرفيه الحكومة والشعب، على تحديد الحقوق الخاصة بكل طرف والواجبات المفروضة عليها. ويتغير لأسباب كثيرة منها الهزائم الحربية، والاضطرابات الداخلية التي تعري مكامن الخلل البنيوية في منظومة الحكم. بما فيها المنظومة العسكرية والاقتصادية والصحية. وقد تعرفنا في الخليج العربي على كورونا من خلال البوابة الإيرانية، وقد أنكرت طهران ذلك حتى لم يعد الإنكار ممكناً؛ فقد وصل عدد المتوفين 500 وفاة يومياً، لتكون الدولة الأسوأ في منطقة الشرق الأوسط إلى درجة أن المقابر لم تعد تستوعب مزيداً من جثامين المتوفين، ما دفع لاستخدام مدافن من 3 طوابق. بل تساهل أمريكي مؤقت لتحويل أموال لشراء لقاحات من الخارج. لقد فضح كورونا الشوائب البنيوية في القطاع الصحي الإيراني فلماذا لم يتحرك الإيرانيون وهم أهل «نهضة تنباكو» أو «ثورة التبغ» التي قامت 1890 بسبب تافه هو أسعار السجائر!
ربما لأن جائحة كورونا أمر غريب على الحاكم والمحكوم، ولم يتحرك الإيرانيون لهلع الشعب من تفشي المرض إلى درجة العجز، وللجوء السلطة إلى العنف بذريعة خرق إجراءات الحجر الصحي، والأهم أن الأزمات تبرز في العادة سلسلة القيادة الفعلية، لكن في إيران كان محسن زادة وسليماني وظريف وروحاني يتصدرون الواجهة.
هل أحسنت طهران إلى شعوبها بالإجراءات الاحترازية لكبح انتشار عسكرة الشارع والأمر للحرس الثوري لوضع المنشآت الطبية وطواقمها رهن إشارة المنظومة الصحية، أم إن حكومة طهران طمست مظهر الفساد بحملة رممت بها صورة النظام لتعزيز الثقة بحكم الملالي، ثم ألهتهم بالخطر الخارجي!
يتغير العقد الاجتماعي حين يكون هشاً، وخصوصاً في الدول الشمولية بعد الحروب والأزمات بأشكالها، وقد تكون السياسات غير المستدامة التي نفذتها طهران قد أجلت الانهيار، لكن البثور تظهر في العادة على الجسد بعد زوال الحمى.
* بالعجمي الفصيح:
تترقب طهران تداعيات كارثية داخلية كتبعات لكورونا، تهدم العقد الاجتماعي بين النظام الديني بحكمه المطلق وبين الشعب المرهق؛ لذا ظهرت نغمة بين المتشددين تعوّل على شخصية عسكرية لتولي رئاسة البلاد في الانتخابات الرئاسية المقبلة لتلافي تبعات كورونا.
* كاتب وأكاديمي كويتي