ما أن تزداد وتيرة الأحداث في العالم بكافة أشكالها، إلا ونرى الإعلاميين في الصف الأول للتغطية ونقل الخبر والصورة والكلمة والتفسير.. وبغض النظر عن التوجهات التي يتبعونها والتي تكون واضحة في أداء عملهم، إلا أن الجهد المبذول يفوق الخيال.
فمثلاً ومنذ بداية نوفمبر وحتى الآن، لم يهدأ بال لهم في الانتخابات الأمريكية، والأحداث اليومية الجارية في البحرين، وحول العالم، ثم جاءت وفاة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، طيب الله ثراه، ليقوموا بجهود استثنائية، تخليداً لذكرى الراحل، رحمه الله.
ومهما تحدثت عن الكواليس اليومية التي نمر بها، لن يستطيع أحد تخيلها، فالضغط النفسي، والتعب الجسدي، وشدة التفكير تستنزف من طاقتهم الكثير، والحرص على أداء المهمة على أكمل وجه، وتحمل الانتقادات التي تأتي غالباً بسبب صعوبة إرضاء الجميع، ولن يمر ذلك دون تأثير على صحتهم، ووقتهم، وعائلاتهم وعلاقاتهم الاجتماعية.
هذه المتاعب الصادرة عن «مهنة المتاعب»، لا تستثني أحداً منهم، سواء عمل في الإعلام المرئي أو المسموع أو المطبوع، وحتى الإعلام الرقمي، إلا من ألصق نفسه زوراً وبهتاناً بهذه المهنة النبيلة، والتي تصنف ضمن أسوأ عشر مهن في العالم لكثرة الضغط النفسي الذي به العاملون فيها.
ولا أنسى حينما زرت أحد الأطباء المختصين بالقلب، فسألني عن سر إصابة العديد من العاملين في هذا المجال بأمراض الضغط والسكري والفشل الكلوي، وضعف عضلة القلب، وغيرها مما لا حصر له، رغم صغر سنهم، وبعد معرفته طبيعة العمل، لم يستغرب بتاتاً، بل نصحني بالهروب مبكراً.
ولا يمر عام، إلا ونفقد بعضاً من زملائنا في المهنة، بسبب المرض الذي أوهنهم، والعديد منهم رحمهم الله صغار في السن، وكانوا ضمن الصفوف الأولى التي تدافع عن البحرين في كل محفل.
وبعد هذا كله، نجد وللأسف أن الإعلاميين لا يحظون بالتقدير الكافي، ودخلهم لا يكفي لسد احتياجاتهم، وليست لديهم أية مميزات لطبيعة عملهم، والإهمال هو مصيرهم إذا ما أصيبوا بأمر غير اعتيادي لا قدر الله، ويعيش بعضهم بين مطرقة العمل الشاق والمرض والتعب، وسندان الرواتب الضعيفة.
ولذا، أجد أنه أصبح لزاماً تغيير واقعهم، فالحرب الدائرة في العالم، وكما يراها الجميع، إعلامية، وخبر واحد قد يهز دول، ويرفع اقتصادات بلدان، ويطيح بأسهم أخرى.
* آخر لمحة:
جلالة الملك المفدى، وسمو ولي العهد رئيس الوزراء، والمرحوم الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، طيب الله ثراه، دائماً ما يضعون الإعلاميين في مكانتهم الصحيحة، ويقدرون مجهوداتهم، ولكن في المقابل، نجد أن بعض المسؤولين، في العديد من القطاعات، لا تمتثل لتوجيهات القيادة الرشيدة في هذا الشأن، ولا حتى تسير على نهجهم، ولكنهم في المقابل، أول الباحثين عن زملائنا الإعلاميين مع أول مصيبة، أو لإبراز شبه إنجاز!