يعيش النظام الإيراني هذه الأيام حالة يصعب وصفها، والسبب فقدانه البضاعة التي ظل يتاجر فيها أكثر من أربعة عقود ويستخدمها كأداة للسيطرة على الشعب الإيراني بعدما اختطف ثورته، فالقضية الفلسطينية تقترب من الحل بعدما قرر عدد من الدول اختيار نهج السلام، حيث أعلنت الإمارات والبحرين والسودان عن إقامة العلاقات مع إسرائيل وأعلن الرئيس الأمريكي عن أن هناك بين 5 و6 دول أخرى ستقيم علاقات مع إسرائيل.

ولأن كل هذا يضع النظام أمام مشكلة صعبة لذا استغل رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قالیباف فرصة انعقاد المؤتمر الدولي الـ 34 للوحدة الإسلامية أواخر الشهر الماضي ووجه رسالة مليئة بالانتقادات إلى زعماء الدول التي أعلنت عن إقامة العلاقات مع إسرائيل وزعم أنه «على هؤلاء الزعماء أن یعلموا أن تطبیع العلاقات مع الكيان الصهيوني لن یدوم طویلاً وسيبقی وصمة عار في التاریخ یذكرها الشعوب المسلمة وأحرار العالم» وهو كلام لم يعد يشتريه أحد، فالجميع شبع منه، والجميع صار يعرف بأنه لا يمكن أن يوصل إلى مفيد ولا يعيد للشعب الفلسطيني حقوقه.

ليس صحيحاً أبداً ما ادعاه قاليباف، فاختيار نهج السلام لا يؤدي إلى الفرقة والنزاعات ولا يؤثر على الأواصر المشتركة بين الأمة الإسلامية، بل على العكس، فهذه الأمة وبعدما شبعت من الشعارات فاقدة القيمة والتي لا تساوي الحبر الذي تكتب به قررت وضع نقطة في نهاية السطر والسير في طريق آخر ترى في آخره دولة اسمها فلسطين.

ما سيقوم به النظام الإيراني من الآن وصاعداً لا يحتاج إلى شطارة لمعرفته، فهو سيركز على أمرين، الأول إثارة العواطف عبر توظيف عبارة «القدس الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين يجسد هوية فلسطين ومسلمي العالم» والثاني تهديد الدول التي بادرت بالإعلان عن اختيارها نهج السلام، من ذلك قولها للبحرين والإمارات «سنعاملكما كعدوين إذا جلب التطبيع أي ضرر لأمننا القومي».