تخيلوا لو كانت هذه العقوبة عندنا إزاء عدم لبس الكمامات الواقية عند الخروج وعند الدخول إلى الأماكن العامة والمحلات والاختلاط بالآخرين؟! هل سنجد حينها أحداً «يستهتر» في تطبيق الإجراءات الاحترازية أو الالتزام بالتوجيهات الوقائية؟!

لكن في الواقع هذه العقوبة مطبقة بالفعل في إحدى الدول، إذ في خامس أكبر دولة إفريقية مساحة، قررت وزارة الدفاع في جمهورية تشاد معاقبة من لا يرتدي الكمامة في الأماكن العامة بعقوبة السجن لمدة تصل إلى 15 يوماً، وكذلك إمكانية معاقبته بغرامة قدرها 2000 فرنك.

وأوضحت السلطات في تشاد أنه لوحظ «عدم احترام» كثيرين لقرار ارتداء الكمامة، وهذا أمر يهدد الجهود في التصدي لفيروس كورونا (كوفيد 19)، ويعوق حماية البشر. وعليكم أن تعرفوا هنا أن هذه الجمهورية الإفريقية التي يصل تعداد سكانها إلى 15 مليون نسمة، سجلت حتى الآن 322 إصابة فقط، بينها 31 حالة وفاة.

الفكرة فيما أوردناه تركز في ضرورة الالتزام بالتعليمات والإجراءات الوقائية التي يقوم بها الفرد، لا «الاستهتار» بها، وعملية الالتزام بارتداء الكمامات إن كان يراها البعض بأنها «خيار» وليست «إجباراً»، وأنه يمتلك الحرية في تقرير ارتدائها من عدمه، فإنه مخطئ تماماً، لأن الهدف من ارتدائها هو «حمايتك» أولاً، ومن ثم «حماية الآخرين»، وفي حال رغبة البعض في التمثل بلعب دور «سوبرمان» أو «الرجل الخارق» في هذا الشأن، فإن عملية تشديد العقوبات أمر لازم، خاصة مع التوقعات بأن هناك تصاعداً في منحنى الإصابات وسرعة تفشي الفيروس.

هناك من يصاب بالفيروس رغماً عنه، ورغم اتخاذه جميع الاحتياطات، وهذا لا حول ولا قوة له، وعليه التعاطي الآن مع وسائل التشافي والحجر الصحي، لكن هناك من بالفعل تراه يتصرف وكأننا في وضع طبيعي جداً، ولا يلتزم بكثير من التوجيهات، حتى ارتداء الكمامات لا يمثل له أمراً ضرورياً.

لاحظت شخصياً في بعض الأماكن أشخاصاً لا يحرصون على ارتداء الكمامة بالفعل، وهنا لا بد من متابعة لهذه الظواهر خاصة في المرافق الحيوية، ولربما تفعيل كاميرات المراقبة عبر الدوائر المغلقة الموجودة في الأماكن العامة وتسخيرها في ضبط المخالفين وتنبيههم أول مرة، أو مخالفتهم في المرات التالية، أو حين الإصرار على مخالفة التعليمات، قد تكون أحد الحلول الناجعة.

في النهاية إما أن نلتزم جميعنا بالإجراءات، أو لنبقَ في بيوتنا، لأن خلاف ذلك يعني «تعمد» إيقاع الضرر على الآخرين، فإن لم تخف على نفسك فاحرص على بلدك ومن فيه، أقلها.