يجاوز عدد اللغات في العالم 6000 بكثير، ولا شك أن الوسيلة الرئيسة للتواصل باستخدام هذه اللغات هي الكلام فضلاً عن الكتابة. ولكن ثمة لغات أخرى نعرفها كلغة الإشارة ولغة برايل، وهناك أنواع أخرى كلغة الجسد التي يبرز منها على نحو واسع لغة العيون التي تحدث عنها الشعراء على مدى التاريخ الإنساني، ولكن ثمة لغة أخرى تتجاوز كل القواعد وتتخلى عن كافة الوسائط الناقلة التي نعرفها، لتوصل الأفكار مباشرة من دماغ إلى آخر لاسلكياً في عملية اتصال مباشر غير محسوس أو مرئي على الإطلاق، وربما أن أحد طرفي العملية أو كلاهما لا يدرك أنه قد أرسل أو استقبل بيانات أو معلومات ما للآخر أو أنه داخل في عملية اتصالية معينة. ورغم أن الأمر يبدو غريباً لكنه ليس بجديد أو غير مطروق لدى الناس، فقد عبرت عنه أعمال درامية جادة وكوميدية من خلال مجموعة من المسلسلات والأفلام العربية والأجنبية، يحضرني من بينها الآن «مسلسل كاراميل» للفتاة قارئة أفكار الآخرين.

إن قراءة الأفكار عملية معقدة، وفي كثير من الأحيان ليست اختيارية، وقد لا تأتي دائماً من خلال الجلوس وجهاً لوجه مع الشخص الذي ترغب بقراءة أفكاره، ولا تأتي بالبساطة والسطحية التي تناولتها الأعمال الدرامية، ولكنها حقيقية من حيث الأصل شأنها شأن كثير من الموضوعات التي عالجناها في الأيام الفائتة. ولعل من المهم الإشارة أن ذلك النوع من نقل الأفكار أو انتقالها لتكون متاحة للآخر لقراءتها بطريقة أو بأخرى تعد شكلاً من أشكال التواصل الطاقي، ولذلك هو غالباً ما يتم بين الأشخاص المرتبطين عاطفياً بقوة كعلاقة الأم مع أبنائها أو العلاقة بين زوجين أو أخوين توأمين وهكذا. ويفسر العلم الأمر بأن حجم التركيز بين طرفي المعادلة على الآخر أو تركيز كليهما على الآخر، وما يمده كل منهما للآخر من عاطفة وطاقة باستمرار تفتح المجال لأشكال الاتصال الطاقي المختلفة بينهما أكثر من الآخرين، رغم أن بعض ممن لديهم طاقات عالية جداً قد يحظون بفرصة قراءة أفكار آخرين لا يجمعهم وإياهم اتصال عاطفي أو طاقي مسبق.

يصنف البعض الحاسة السادسة أو الجلاء المعرفي كنوع من أنواع قراءة الأفكار حيث يصعب أحياناً التمييز بينهم إلاّ من خلال تفصيلات دقيقة تجعل من الصعب اعتبار تلك المصطلحات مرادفات لمعنى واحد، وتعد الحاسة السادسة «الإدراك الحسي الفائق» من إحساسات خاصة تنقل شعوراً أو معلومة معينة في إطار ما بطريقة لم تكتشف بعد علمياً، وفي منطقة لم تعرف في الدماغ، ولكن الطاقة الحيوية يمكنها تفسير تلك الظاهرة التي عجز العلم السابق عن فهمها. وغالباً ما تتجلى تلك الحاسة على هيئة الإدراك المسبق رغم أنها يمكن أن تتخذ أشكالاً أخرى مختلفة.

* اختلاج النبض:

إن التواصل الطاقي يحمل أبعاداً متعددة، وما زال يعتبر من الحقول غير المشبعة بالدراسة والبحث، ويستحق توجيه أنظار الباحثين والعلماء في المجالات القريبة منه للعناية به لبلورته كعلم مستقل ومتكامل وعلة نحو معترف به، فمسألة التبادل الطاقي الناقل للمعلومة أو للإحساس وغيرها، قد يحقق كثيراً من المكاسب للبشرية إذا ما تم استغلالها بالحد الأقصى.