يفهم البعض الاستبصار أنه نوع من قراءة الطالع والمستقبل، وأنه الممارسة التي يطلق على أصحابها البصّارين أو العرّافين، ولكن ليس هذا الاستبصار الذي نتحدث عنه، ربما يحدث الخلط هنا، لأننا لو أردنا التمييز بينهما كتجربة روحية، فهما الاثنان يمكن اعتبارهما تجربة روحية وهنا تكمن الخطورة في التمييز أو التفريق بين النوعين، ولكن الاستبصار الذي نتحدث عنه هنا، أو ما يعرف أيضاً بالجلاء البصري، هو نوع من قراءة المعلومات، بطريقة أشبه ما تكون بالتخاطر، حيث يتلقى الإنسان معلومات معينة على أشكال مختلفة، كأن تتمثل تلك المعلومات على هيئة صور أمام مخيلتنا، أو تعرض علينا كما لو أننا نتابع مشهداً من مسلسل أو فيلم، أو تبدو لنا كصورة ضبابية متحركة ولكن يمكن فهم رموزها ومغزاها. وغالباً ما تكون الأحداث التي نراها في هذه الحالة واقعة بالفعل في زمن ما «الماضي – الحاضر – المستقبل»، وقد تكون واقعة في مكان بعيد عن المكان الذي نحن فيه.

قد يبدو ذلك غريباً الآن أو ضرباً من الدجل أيضاً، ولكن ربما يكون من المثير القول إنه ورغم أن موضوع الاستبصار من الموضوعات التي لم تمنح حقها بما يكفي من الدراسة لإزالة الخلط وتبيان حقيقتها، إلاّ أن بعض المتصوفين والعارفين يقرون بحقيقتها، ويعتبرونها نوعاً من الكرامات التي يختص بها الله من يشاء من عباده، هذا فضلاً عن أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وغيرها من أجهزة المخابرات قد اهتمت بهذا الحقل، ولا أعتقد أن الاهتمام بهذا المجال قد جاء من فراغ، فلو كان الأمر وهمياً أو مبنياً على غير أساس علمي واستدلال موثوق لما اعتقد أن تلك الأجهزة تعول عليه في عملها، لاسيما وأن الوكالة الأمريكية تحديداً قد أولت لبرامج رعاية الباراسايكولوجي ومن بينها الاستبصار أو ما يسمى بالاستشعار عن بعد أهمية كبرى واستخدمته في كثير من نشاطاتها مثل برنامج بوابة النجوم.

ولعل من المهم الإشارة هنا، إلى كثير من العلوم التي ظهرت في بدايتها وسرعان ما اختفت من ساحتها وأصبحت علوماً مسكوتاً عنها ولم نعلم ما حلّ بها أو ما التطورات اللاحقة التي توصل إليها الباحثون فيها، ثم نكتشف بعد فترة أن أجهزة مخابرات أو حكومات قد اشترت هذا المجال أو الاختراع أو العلم نفسه وحكرته عليها للاستفادة العسكرية الخاصة، ومن ذلك ما تعرضنا له قبل أشهر معدودات مثل تقنية «GAN» التي سرعان ما اختفت من الساحة رغم أنها كانت تقنية واعدة جداً، وخطيرة أيضاً.

* اختلاج النبض:

ما زال موضوع الجلاء البصري غامضاً وغير واضح بما يكفي للقول ببطلانه أو حقيقته، ولكن ثمة ما يدعو لترجيح أنه علم حقيقي ولم ينل فرصته الكاملة للظهور بعد، وأن ما زالت كثير من الأسرار تعتريه وتحول دون امتلاكنا لأدوات تطبيقه وتنمية قدراتنا فيه، وأن ذلك يبقى شكلاً من أشكال التواصل الطاقي، ولو بحثنا في التاريخ لوجدنا قصة زرقاء اليمامة ورؤيتها الممتدة لمسيرة ثلاثة أيام دليلاً شاخصاً على ما نقول.