* خلال هذه السطور المعدودة أسرد بعض الصفات الجميلة التي لمحتها في شخصيات عاشرتها، والتي أثرت في مسير الحياة، وكان له الصدى الجميل في حياتي، ولربما أكتب عن بعضها صراحة، والبعض الآخر أكتبها بأسماء مستعارة.. هي صفات ليست وليدة اليوم أو الأمس، بل هي نتاج بيئة تربوية عاشها أولئك، ونتاج خبرات حياتية صقلت شخصياتهم، والتي من الضرورة بمكان أن يتمثل بها أبناء اليوم الذين يعيشون في دوامة لا منتهية من التناقضات الحياتية في ظل تربية وسائل التواصل الاجتماعية والغزو الحضاري المنفتح على مصراعيه.

* د. مصطفى السيد الأمين العام للمؤسسة الخيرية الملكية: 12 سنة قضيتها مع هذه الشخصية القيادية الإنسانية الرائعة والذي استطاع بشخصيته الطيبة أن ينقل المؤسسة المؤسسة الخيرية الملكية للعالمية.. وبلا مبالغة فإن هذه الشخصية تتصف بالعديد من الصفات التي تعلمتها منه ومن خلال معاشرتي لأسلوبه الإداري والتنفيذي والإنساني والذي جعل الجميع بلا استثناء يحب ابتسامته وطيب معاملته. تعلمت منه أن المرء سيعيش مرة واحدة في حياته فلماذا يصر على البقاء في حيز النكد والضير والعداوات. عليك أن تكون سعيداً دائماً ومؤثراً فيمن تقابله بابتسامتك وقوة ترحيبك، وأن تستمتع بحياتك وتعمل الخير و«أنت مرتاح» ولا تلتفت لأي مشكلة ودعها تأخذ مجراها في النسيان والتهميش، بل حولها لقوة دافعة للخير والإيجابية والبناء الفاعل في المجتمع. احرص على أن لا تأخذ المشكلات حيزاً في عملك الإداري، بل حولها إلى نتاج عمل فاعل، ومد يدك لكل من يريد أن يرسم معك النجاح ولا تضيع وقتك كثيراً مع سراق الوقت.. تعلمت منه معنى «الأسرة الواحدة» وأن الجميع في قارب واحد يجب أن يتكاتف من أجل عمل الخير، وأن البصمة التي بصمتها لا ينساها لك الغير سواء كانت إيجابية أو سلبية، فاحرص أن تكون عنصر بناء لا عنصر هدم. د. مصطفى ينشر معاني الاهتمام بالصحة وأن يكون المرء متواجداً بقوة في مواطن التأثير، وأن يفخر بإنتاجه وعطائه ويسعد بكل خير يقدمه. تعلمت منه معاني الكفاح والعطاء مهما تقدم العمر، وأن يواصل المرء مسيرته بعزيمة ويقبل التغيير ويتعلم المهارات ويغير محطاته حتى تنضج معاني الإنسانية في شخصيته. يهتم بصورة كبيرة بعناصر التقدير والتشجيع والمرونة في العمل ويعتبر كل شخص يعمل معه هو عنصر داعم له في النجاح، ويحب أن تكون بيئة العمل صافية خالية من المشكلات والتذمرات.. أسأل الله تعالى له التوفيق والسداد والصحة والعافية والبركة في العمر.

* أم عبدالله: شخصية تختلف كثيراً عن العديد من الشخصيات، ألمح تواجدها في كل حيز من مسير حياتي منذ سنوات طويلة، تتميز بطيبة القلب التي لا تتنازل عنها أبداً في تعاملها مع الآخرين، وإن بادروا بالإساءة والقطيعة والهجران.. فالقلب الطيب ينتصر في نهاية المطاف. حبها للناس ولمن حولها فاق الحدود، وتحب أن تسعدهم وتلطف أجواء حياتهم، وتحب أن ترى الجميع يعيش في سعادة وهناء وابتسامة لا تفارق محياهم. الكرم متأصل في شخصيتها حالها حال أي إنسانة من جيل الطيبين الذين كانوا لا ينسون جارهم وأحبابهم في أي مناسبة، ففرحتهم بفرح الجميع وتواجدهم معهم. أم عبدالله من زمن الطيبين التي لا هم لها إلا أن تتواصل مع الناس وتنشر الخير وتسعد الفقير وتمشي في حاجة الناس. تستأنس بكلامها الأصيل وبنبع حنانها المتدفق وبذوقها العالي في كل أساليب الحياة. تحب الحياة وتحب أن تعيش مرتاحة الضمير ويعيش الجميع بلا مشكلات.. فالمشكلات في الغالب تتعب القلب وتعكر صفو العلاقات، فهي تؤمن بأسلوب التغافل وبساطة الحياة. أم عبدالله ثقتها بالله كبيرة، وتؤمن بمعاني أسماء الله الحسنى التي تجعلها في كل خطوة من خطوات حياتها، لذا فهي لا تلتفت لعراقيل الحياة، لأن إيمانها بمعية الله عز وجل وحبه للعبد ورزقه وحفظه هو الذي جعلها تعيش مرتاحة البال والضمير والقلب النقي. حفظ الله أم عبدالله وكل من يسير حذوها وألبسها لباس الصحة والعافية وأطال عمرها في طاعته.

* الأستاذ عبدالحميد: المعلم المتجدد في العمل الإداري والتربوي، الذي أشاع الخير في ربوع حياة كل محبيه، وكانت بصماته الإدارية محل تقدير وإعجاب لدى كل من تذوق نكهة معاملته الأبوية الراقية. هو ميدان خصب للثقافة وربط معالم الحياة الواقعية بوقائع حدثت منذ سنوات طويلة مضت، يتميز بنصائحه الأبوية الرقيقة التي يشدك فيها أسلوبه الحاني وقدرته على الإقناع. معلم يدفعك للمزيد من عمل الخير وعشق دروبه، والسير على خطى القدوات والعظماء الذين أثروا في البشرية وكانت لهم بصمات مؤثرة، وعلى رأسهم رسول الأنام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. معلم يثق في قدراتك الإدارية ويثق في قراراتك وأفكارك الملهمة، لأنه يؤمن أن المرء إنما يتطور ويبدع بقدرته على التجربة والعطاء وإضافة الجديد في مجال عمله. معلم يؤمن بأهمية تطور المؤسسات وتغيير منهجية عملها بين الحين والآخر حتى لا تتقادم مع مرور الزمن. يؤمن بأهمية الثقافة المؤسسية التي يجب أن يعمل تحت ظلها الجميع بمهاراتها المختلفة القائمة على الإبداع والتغيير وصنع الأثر والتعاون والتكاتف والانتماء الذي يولد المزيد من العطاء إذا ما استطاع الشخص أن يجعل رضا الله عز وجل في مقدمة اهتماماتها في كل خطوات حياته. أسعد الله الأستاذ عبدالحميد وأمثاله، وأدامهم ذخراً لخدمة هذا الوطن العزيز.

* بوعلي: منهجيته قد تختلف قليلاً عن منهجية أي مبدع أو ناجح يحب أن يعطي، وهو أسلوب فاعل لا يفهم مغزاه إلا من قرب من قلبه وفهم كيف يفكر في مسير الإبداع وخدمة الخير. بوعلي يحب أن يترك الأثر في كل ميدان، ويحب أن يعطي كل ذي حق حقه في التعامل، ويبتعد عن كل ما يعكر صفو العلاقات، ويضع يده بيد كل من رفع شعار الخير في حياته وابتعد عن منغصات الحياة الكثيرة. يؤمن أن الحياة محطة سريعة ستنقضي.. والأثر يجب أن يكون وليد اللحظة لا يتأخر قيد أنملة.. يؤمن أن كل يوم من حياة الإنسان إنما هي محطة جديدة في الحياة يستلهم منها ما يعينه على قابل الأيام. لذا فإن الإنسان إنما يتعلم في كل لحظة، فينعكس أثره على حياته بصورة شاملة. يؤمن أن المرء عليه أن يأوي إلى فراشه وهو صافي القلب بدعاء: «اللهم إني تصدقت بعرضي على الناس وعفوت عمن ظلمني». ببساطة هو بسيط في كل شيء.. بشرط أن يفهمه «صح» كل من يتعامل معه.

* ومضة أمل:

هو ميدان الخير.. الذي أعشقه إلى الأبد.