هنا موقف طريف يستحق التدوين والضحك. حيث أكدت إيران في رسالة إلى الأمم المتحدة، الأربعاء الماضي «احترامها الكامل لسيادة العراق واستقلاله وسلامة أراضيه». جاء ذلك في أعقاب إطلاقها 22 صاروخاً بالستياً على قاعدتين عسكريتين يتمركز فيهما جنود أمريكيون.

في الخبر أن السفير الإيراني في الأمم المتحدة، مجيد تخت روانجي، قال في رسالة إلى كل من الأمين العام للمنظمة الأممية، أنطونيو غوتيريش، ومجلس الأمن الدولي، إنّ بلاده تؤكّد «على احترامها الكامل لاستقلال جمهورية العراق وسيادتها، ووحدتها، وسلامة أراضيها».

مبعث الطرافة هو أن هذا الأمر يشبه قولك لرجل بعد ضربك له وشتمه أمام الملأ إنك تحترمه وتقدره، حيث الأكيد أنه لن يصدقك ولن يصدقك كل من شهد الواقعة أو سمع عنها، فكيف تحترمه وأنت تشتمه وتضربه؟!

النظام الإيراني تغلغل في العراق وظل مهيمناً على قراره ولايزال وهو يتحكم فيه وينصّب من يريد تنصيبه في حكومته، ولهذا لم يعطِ العراق أي اعتبار عندما قرر الرد على اغتيال سليماني واعتبر أنه طالما أنه قتل في العراق فإن من حقه أن يفعل كل شيء هناك من دون استئذان أهله بذريعة الانتقام، فالصواريخ التي أطلقت على القاعدتين الأمريكيتين في العراق أطلقت وبعدها جامل النظام الإيراني العراق بأن أخبره بأنه قد فعل ما فعل، فالنظام الإيراني يعتبر العراق أرضاً مستباحة وأن له كل الحق في التصرف فيه كيفما يشاء.

المؤلم أكثر هو أن وزارة الخارجية العراقية أعلنت، في وقت سابق الأربعاء، أنها «ستستدعي السفير الإيراني لدى بغداد، للاحتجاج على ما اعتبرته «خرقاً للسيادة العراقية عقب الهجوم الصاروخي الإيراني»» وكأن هذا الفعل هو الخرق الإيراني الوحيد للسيادة العراقية!

هذا الوضع ينبغي من العراقيين تغييره ووضع حد للتدخل الإيراني في بلادهم وإلا فإن النظام الإيراني سيستمر في خروقاته وسيظل يعمل وكأن العراق جزء من إيران. وبالتأكيد فإن قول مندوبه في الأمم المتحدة بأن «إيران تؤكد احترامها الكامل لاستقلال العراق وسيادته و....» قول لا قيمة له لأنه مخالف للواقع وللحقيقة، فالنظام الإيراني يمارس في العراق ما سيجعل الأجيال المقبلة تتساءل عن الذي قام به عراقيو اليوم للدفاع عن وطنهم وطرد النظام الإيراني منه وسيلومونهم.

تحرير العراق من التدخل الفارسي فرض وواجب على كل عراقي بل كل عربي وكل غيور على أمة العرب، وتحرر العراقيين المهووسين بالنظام الإيراني وبشعاراته والذين يعتقدون أنه حامي الشيعة العرب ومسفلت طريق الجنة لهم أمر مهم للغاية، فما يمكن فعله اليوم لتحقيق ذلك قد يصعب أو يستحيل فعله غداً، ذلك أنه كلما تغلغل النظام الإيراني في العراق كلما صار صعباً تخلص العراقيين منه وصار مستحيلاً حتى قيام هذا النظام بإرسال رسالة كتلك التي أرسلها مندوبها إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، ومستحيلاً بالطبع إبلاغ الحكومة العراقية بأي عملية يقوم بها في العراق مستقبلاً، فهو سيعتبر هذا البلد العربي الأصيل جزءاً منه وسيعلن ذلك بلا حياء أمام العالم ويقول «عراق مال مو».

تحرر العراقيين من النظام الإيراني وتحرير بلادهم منه مسألة ينبغي عدم التهاون فيها، وعلى الدول العربية أن تفعل كل ما بيدها ليظفر العراق بحريته، وعلى الجميع اعتبار الأحداث الأخيرة في العراق وإيران والمنطقة فرصة لتحقيق ذلك، فمن الفرص ما لا يتكرر، وليس أفضل من هذه الفرصة لردع النظام الإيراني وطرده من العراق ومنعه من التدخل في سياسته.

الحقيقة التي ينبغي من العراقيين معرفتها جيداً هي أن النظام الإيراني لا يحترم سيادة العراق واستقلاله ولا تهمه سلامة أراضيه.