ربطت السؤال هنا بتوصيف «النظام الإيراني» الحاكم لهذه الجمهورية، ولم أربطه بكيان الدولة الجغرافي، أو شعبها، لأن المشكلة ليست سوى مع نظام يحكم بلاده بحديد ونار، وهذا شأنه الداخلي، لكنه نظام يعتدي على الآخرين ويحاول إقلاق أمن دول وتهديد شعوب.

هذا سؤال نكرره لعشرات المرات، ومعه تصريحات عديدة لدول المنطقة من دول خليجية وعربية وحتى أجنبية، إذ من يقول إننا نمتلك النوايا للهجوم على إيران واستعداءها هكذا من لاشيء، هو مجانب للصواب تماماً.

الشعوب والدول في المنطقة، ولعلني أتحدث بمصداقية أكبر عن بلادي البحرين، لم تكن أبداً دولاً تبدأ بالشر والإساءة للآخرين، وطوال تاريخنا لم يسجل للبحرين أنها بدأت بالإساءة لإيران، لا نظاماً ولا شعباً، لكن للأسف التاريخ يخبرنا بالحقيقة الثابتة التي تقول بأننا كنا ومازالنا في مرمى عداء النظام الإيراني.

هذا النظام يعتبر بلادنا الخليجية العربية ولاية تابعة له، يريد أن يبتلعها ويمسخها من هويتها، وهو نظام يستخدم في حربه هذه أقذر منهجية يمكن استخدامها، ألا وهي القائمة على استغلال الدين والمذهب لاستعطاف الشعوب الأخرى، حتى يدفع عناصر ضعيفة الإيمان بالوطنية والانتماء للانقلاب على بلادها وسلخها من هويتها والتحول لطوابير خامسة تعمل لأجله، منية النفس بمغانم ومكاسب يتصدق عليهم بها النظام الذي سيحتل البلد لو تمكن له هذا.

خذوها قاعدة ثابتة هنا، لا يعيش عزيزاً، ولا يعيش كريماً، من يبيع أرضه لطامع وغازٍ ومعتدٍ، آملاً أن يعامله هذا المحتل وكأنه محسوب عليه أو منتمٍ له، خائن بلاده هو أول من يصفيه المحتل إن دخل الأرض، أو من يضربه بشدة، لأنه ببساطة خان بلاده التي ولد فيها وانتمى لها، فما يضمن أنه سيوالي بصدق نظاماً يحتل بلاده الأصلية؟!

لكن عودة للسؤال أعلاه، إذ ما الذي نريده بالفعل من النظام الإيراني؟!

يظن البعض أن دولنا تريد تغيير هذا النظام، وتسعى للإطاحة به، وتجند كل قواها لأجل هذا، وهو أمر غير صحيح، فكما أسلفت بلادنا لم تكن البادئة بالاعتداء على أي أحد، بل البحرين على سبيل الخصوص دائما ما تتلقى الخيانات وعمليات الغدر يتعامل أرقى من فعل المعتدي والمستهدف، وكم من دعوات وجهتها البحرين للنظام الإيراني فيها من مفردات كـ»الجارة» و»الجمهورية الإسلامية» اعترافا بها، تدعو فيها هذا النظام إلى أن يحسن الجيرة، وأن يوقف تدخلاته في الشؤون الداخلية، وفي دعمه للإرهاب الذي يستهدف بلادنا؟! كثيرة هي الدعوات التي لا ترى فيها نبرة ولهجة العداء، بل دعوات مناصحة لمراجعة النفس، وتعديل المسار، وتحسين العلاقات، وإنهاء النزعة الاحتلالية والتوجهات الإرهابية، وإبدال كل هذا بالاهتمام الداخلي بإيران وشعبها الذي يعاني في شتى النواحي.

لا نريد إسقاط نظامكم، رغم أن المجتمع الدولي بغالبيته يرى ضرورة تبديل هذا الحكم الديكتاتوري، ما نريده هو أن تكفوا شركم عن بلادنا، أن تتوقفوا عن دعم الإرهاب فيه وتمويله، أن تتحولوا لجارة وليست عدوا يتربص بنا وبالآخرين.

المشكلة عن هذه الدعوات العديدة وجهت مرات ومرات، لكنه العند والتكبر والاستماتة لتحقيق الخطة الخمسينية لهذا النظام، هو ما جعله بلا خط رجعة، وجعله مصدر الإرهاب العالمي الأول الذي يجب محاربته من قبل الجميع.