خلال زيارتي الأخيرة لباريس واجهت الكثير من الصعوبات في التنقل مما أدى إلى إلغاء العديد من الرحلات التي خططت لها ودفعت ثمنها مسبقاً، وبفعل إلغاء الكثير من القطارات واجهت مشاكل كبيرة حتى في الوصول إلى الفندق بفعل الزحام في شوارع العاصمة الفرنسية.

ومع محادثة متقطعة بمساعدة جوجل مع سائق «أوبر Uber»، أخبرني أن كل هذا الزحام و»الربكة» في شبكة المواصلات في باريس هما بفعل إضراب موظفي قطاع المواصلات العامة في باريس، والذي يقومون به منذ سنة، وتراجعوا بعد وعود عديدة ولكنهم عادوا الآن بإضراب مفتوح لأجل غير مسمى حتى يتم التراجع عن هذا القانون الذي يبخس حقهم التقاعدي.

ومع قليل من البحث تذكرت أن فرنسا شهدت احتجاجات عمالية اعتراضاً على بعض الإجراءات الحكومية، أبرزها حراك «السترات الصفراء»، ولكني لم أقرأ تفاصيل الخبر حينها، وليتني فعلت، فالحركة شبه منعدمة في محطات باريس بسبب الإضراب العام المفتوح الذي دعت إليه النقابات العمالية رفضاً لمشروع قانون جديد لنظام التقاعد والذي من المرجح أن يشل القطاعات الاقتصادية الحيوية عبر فرنسا بدءاً بالمواصلات.

الزحام و»الربكة» اللذان أحدثهما الإضراب أضرا بفرنسا بشكل كبير، وأبرز القطاعات المتأثرة قطاع السياحة، الذي تعول عليه فرنسا بشكل أساسي، فهي تستقبل ما يقارب 90 مليون سائح سنوياً، وبطبيعة الحال يبحث السائح عن شبكة مواصلات بسعر مناسب لإمكانياته المادية، فالسائح الأوروبي يختلف عن الخليجي، في طريقة قياسه لمصاريف السفر فهو يبحث عن الحلول العملية ويستغل شبكة المواصلات العامة ولا يعتمد على سيارات الأجرة، ولكنه في حالة الإضراب وجد نفسه يجول باريس مشياً على الأقدام داعياً ألا يداهمه المطر.

إن القوانين التي تمس المواطن بشكل مباشر هي سلاح خطر يجب الحذر في التعامل معها، والبعد عن العبث بمشاعر المواطنين في اقتراحات تشريعية تمس قوت يومهم ومستقبل ابنائهم، كذلك التصاريح الرنانة التي تحوي قوانين وردية لتخدير المواطن بهدف جمع الأصوات ودعاية انتخابية ستنقلب يوماً إلى ردة فعل من المواطنين الذين ضاقوا ذرعاً بالوعود البائسة لتنقلب لحراك قد لا تحمد عقباه. فالحذر الحذر.