لا شك في أن الفن يجسد الحياة الحقيقية في أي مجتمع باختلاف الحقبة والزمن وينقل الواقع في كثير من الأحيان وكأن الفن وثيقة تاريخية لثقافة أي مجتمع، حيث تتجسد العادات والتقاليد والموروثات والأعراف من خلاله، لتتناقله الأجيال القادمة، ويمكن للفن بأشكاله وأنواعه – التمثيل والغناء والشعر والرسم والأدب والرقص وغيره – أن يعزز الانتماء والولاء والمواطنة كرسالة هادفة يؤديها الفنان ضمن رسالاته المتعددة.
معهد البحرين للتنمية السياسية استضاف في ملتقى «البحرين انتماء ومواطنة « سفير فوق العادة للنوايا الحسنة الفنان الإماراتي حسين الجسمي حيث تفرد مع جمهوره ومحبيه في الملتقى ليتحدث عن محور «الفن رسالة وطنية مؤثرة»، وأهم رسالة نقلها هذا الفنان المتواضع هو اعتزازه بهويته الإماراتية وما يقدمه من فن إماراتي أصيل من خلال الكلمة واللحن واللهجة الإماراتية التي يتغنى بها والتي لابد أنه أي فنان ضروري أنه يعتز بهوية بلده وألا ينسلخ منها بهوية بلد آخر، فالفنان يحمل رسالة عظيمة ليس من خلال فنه فقط وإنما من خلال سلوكه أيضاً، فالفنان هو المثل الأعلى لمعجبيه حتى من خلال ما يلبسه أو ما يمارس من هويات فهو سفير بلده من خلال فنه وعليه أن يكون مسؤولاً فيما ينقله لمجتمعه وللمجتمعات الأخرى.
وبين رسالة الفن والفنانين نجد أن الدراما البحرينية ضلت طريقها، والأغنية البحرينية لم تحتفظ بهويتها مثلما السابق، حتى الشعر النبطي خرج عن طابعه وحسه البحريني، وما عاد الفن البحريني يحتفظ بأصالته وبرسالته الهادفة في تعزيز الانتماء والمواطنة والحفاظ على الإرث الأصيل وتناقله بين الأجيال. لاشك في أن ملتقى «البحرين.. انتماء ومواطنة» هيض مشاعرنا في محور «الفن رسالة وطنية مؤثرة» لأننا ما عدنا نلتمس ذلك في الفن البحريني بعدما أهملت الدراما البحرينية بشكل قاسٍ جداً وأهمل الفنان البحريني وأهملت بذلك رسالة الدراما البحرينية. كنت أتمنى أن يخرج الملتقى بتوصيات في جميع المحاور والعمل بها منها في المحور الخاص برسالة الفن في تعزيز الانتماء والمواطنة توصية تهتم بإنتاج مسلسلات بحرينية تسهم في نبذ الطائفية وتعزيز الانتماء وحب الوطن وتوصية تعتني بالشعر النبطي باللهجة البحرينية العريقة وتوصية أخرى تبلور العمل الفني من خلال تخصيص جوائز فنية سنوية للأعمال التي تعزز الموروث البحريني، وأهمية الحرص على ألا تخلو برامج تلفزيون وإذاعة البحرين من البرامج التراثية الشعبية، وغيرها من التوصيات التي تسهم في الحفاظ على النسيج الواحد والوحدة الوطنية.
الفنان يحمل رسالة سامية للمجتمع وله دور ملموس في تعزيز القيم، فالأغاني البحرينية الوطنية على سبيل المثال لها خصوصية جميلة في مواضع وأوقات معينة، تهيض المشاعر في حب الوطن، وتترك شعوراً حماسياً للدفاع عن تراب الوطن، فبعض الأغاني برغم أنها قديمة إلا أنها مازالت حاضرة في كل مناسبة، مثل أغنيه «تبين عيني» وأغنية «من خلقت الدنيا»، أما أغنية «عذاري وين الماي»، تأخذ المستمع إلى زمن بعيد جميل، لذلك يعد الفن رسالة وطنية مؤثرة، وواجبنا جميعاً الحفاظ على الفن البحريني ونقل هذا الفن إلى الأجيال القادمة حتى لا تندثر الرسالة القيمة من الفن الأصيل أو تضيع وسط تعدد الثقافات المنهمرة إلى مجتمعاتنا.