الحقيقة التي ينبغي أن يدركها أولئك الذين عمدوا قبل حين إلى إحداث الفوضى بغية تحويل البحرين إلى أرض يسهل على الأجنبي الولوج إليها واللعب بمقدراتها هي أن الاستقواء بقوى خارجية للنيل من المكتسبات عملية نهايتها الفشل بل الفشل الذريع، وهذا ما تأكد جيداً، حيث تمكنت البحرين بفضل الله وبتلاحم الشعب مع القيادة من فضح كل ذلك وإفشاله ورد كيد المعتدين في نحورهم، فشعب البحرين من الفهامة والخبرة ما سهل عليه اكتشاف ما يخطط ضد وطنه وما يراد له.

اليوم لم يعد الخارج الذي لجأ إليه أولئك ووضعوا بيضهم كله في سلته قادراً على فعل شيء، بل لم يعد قادراً حتى على حماية نفسه، فالنظام الإيراني صار مشغولاً بنفسه وصار يبحث عمن يعينه على الإفلات من الانهيار والسقوط، ولولا هذا لما بادر بإرسال الرسائل الإيجابية إلى دول مجلس التعاون وصار ينتقي من الكلام أحلاه ويقدم المقترحات والمشروعات ويشجع المصالحة بين دول التعاون التي حدث بينها الخلاف قبل عامين.

الحقيقة التي ينبغي أن يدركها أولئك هي أن الخارج الذي استقووا به لم يعد قوياً ولم يعد قادراً على حماية نفسه وأن ما يصرح به في كل حين وما يعلنه عن تمكنه من تطوير الصواريخ واستحواذ الأسلحة ليس إلا بغية التغطية على ضعفه واقترابه من نهايته.

النظام الإيراني لم يعد قادراً على الوفاء بما تعهد به، لذا فإن على أولئك الذين استقووا به أن يتوقفوا ويراجعوا أنفسهم ويدرسوا المستجدات ويتخذوا قرارهم الذي يفترض أن يكون عاقلاً وهو العودة وطلب الصفح والاعتذار من القيادة ومن شعب البحرين الذي عانى بسببهم الكثير واقترب كثيراً من معاداة بعضه البعض.

ما قام به أولئك كان سيئاً، زاده سوءاً استقواؤهم بالخارج الذي لم يحتضنهم ويدعمهم ويسخر لهم الإمكانات من أجل سواد عيونهم، إذ لولا أن له أطماعاً وله مصلحة في ذلك لما ورط نفسه ولما اتخذ ذلك القرار الذي أفقده ثقة جيرانه حتى صار أقربهم إليه يشكك في نواياه وأفعاله.

الدليل على ضعف النظام الإيراني هو التصريح الأخير لوزير خارجيته محمد جواد ظريف الذي ملخصه أن حل مشكة قطر من شأنه أن يوفر الظروف التي تسهل تلاقي إيران والسعودية وحل العالق من الأمور بينهما، فقد قال ذلك رغم أنه كان يردد قبل قليل ما معناه أن النظام الإيراني ليس في حاجة إلى أي دولة خليجية وأن دول الخليج العربي كلها في حاجة إليه.

كل الذين تم الاستقواء بهم لم يعودوا يمتلكون القوة ليعينوهم، لهذا ولغيره لم يعد أمام أولئك سوى العودة إلى جادة الصواب وعمل شيء يسهل لهم تقديم أنفسهم في الداخل. ولكن لأن المسافة بينهم وبين الحكم صارت بعيدة ومليئة بالكثير من أخطائهم لذا فإن الطريق الأسهل لهم هو تواصلهم مع من يحظى بثقة الحكم من رجالات البحرين، وهم كثر، ليكونوا الجسر الموصل لهم إلى من لا يتردد عن الاستماع لهم والصفح عنهم.

ليس أمام أولئك غير هذا الخيار وهذا الطريق، حيث الاستمرار في ما هم فيه يعني استمرار مشكلتهم وزيادة الفجوة بينهم وبين الحكم وبينهم وبين الشعب الذي وثق بعضه فيهم لبعض الوقت ولم يتوقع أن يصل إلى ما وصل إليه فيتحمل أخطاءهم ويدفع ثمنها من جيبه.

أبواب رجالات البحرين مفتوحة، وأبواب الحكم مفتوحة لهؤلاء، والعقل زينة، فإن اتبعوه وأخذوا بما يرشدهم إليه نجحوا وتم قبولهم وتم الصفح ونالوا حظهم من الخير والبناء والتنمية وإلا تاهوا، فمن شدوا به الظهر في ذلك العام لم يعد كما كان وكما كانوا يعتقدون.