سأكمل هنا على المقال الرائع الذي كتبته الزميلة القديرة سوسن الشاعر بالأمس، بشأن زيارة السيناتور الأمريكي المحسوب على الحزب الديمقراطي كريس مورفي لمنزل نبيل رجب، وبحضور عناصر من جمعيتي «وعد» و«الوفاق» اللتين تزعمتا محاولة الانقلاب في عام 2011، ورفعتا شعار «إسقاط النظام»، وكذلك تخندقت «وعد» مع تياري «حق» و«الوفاء» المتطرفين بإعلان قيام «الجمهورية».

الفكرة هنا أن أعضاء الحزب الديمقراطي والمحسوب عليهم الرئيس السابق باراك أوباما، وزميلته هيلاري كلينتون، هم داعمون بقوة لكل فئة أو تكتل تحاول إحداث «انقلاب» في بلدانها، تحت شعار «المطالبة بالديمقراطية»، هم من يحثونهم لمناهضة الأنظمة، والسعي للإطاحة بها.

وما حصل قبل ثمانية أعوام في البحرين، كان للطرف الأمريكي المحسوب على الحزب الديمقراطي يد طولى فيه، بما خدم الأجندة الإيرانية في البحرين بامتياز، إذ مازال هذا الحزب يكشف عن كرهه وسعيه للعمل ضد السعودية، وضد البحرين أيضاً باعتبارها الحليفة الرئيسية لشقيقتها الكبرى، بالنظر لما يشكل من تهديد على السعودية لو سقطت البحرين في أيدي النظام الإيراني.

هذا الحزب الذي يحاول الآن الإطاحة بالرئيس ترامب، لم يتوانَ أعضاؤه عن مهاجمة السعودية، ومعاودة إحياء عناصر كانت ستبيع عروبة البحرين وانتماءها الخليجي لصالح المرشد الخامنئي، وهذه الجزئية هي الحقيقة، مهما حاولوا إيهامكم بأنهم يبحثون عن العدالة والديمقراطية، وأنهم متمسكون بعروبتهم، وهذه الأخيرة هي الكذبة الكبرى.

هؤلاء الذين يدعمهم الحزب الديمقراطي، والذين ذهب مورفي لزيارة أحد المحسوبين عليهم، هؤلاء هم يا «ديمقراطيين» من لم ينتقدوا ما حصل في سوريا على الإطلاق، رغم أن الأمريكان وإعلامهم نشروا عن كل الجرائم الإنسانية التي حصلت هناك! وهم أنفسهم الذين لا يتحدثون عن إيران وجرائم نظام الخامنئي على الإطلاق، رغم أن الأمريكان وإعلامهم ينشرون كل شيء عن الانتهاكات الإيرانية لحقوق الإنسان! بل الأدهى أن الحزب الديمقراطي الذي كانت تمثله هيلاري كلينتون في الانتخابات بمواجهة ترامب، كان يركز في الخطاب بشأن السياسة الأمريكية الخارجية ضد إيران ليدغدغ مشاعر الأمريكيين بإثبات أن نظامهم مع العدالة والديمقراطية، رغم أن أوباما أفرج عن مليارات إيرانية مجمدة، وأرسلها لخامنئي ليستمر في تمويل إرهابه وجماعاته وميليشياته، والتي من ضمنها الخلايا النائمة «الآن» على الأرض، إذ في الحقيقة هؤلاء تحولوا إلى مليشيات حينما ظنوا أن البحرين ستسقط في أيديهم.

السيناتور الأمريكي ذهب لمنزل شخص أوهم الناس بأنه مدافع عن حقوق الإنسان، وأنه شخص محايد وليس عنصرياً في طرحه، لكن الواقع والحقائق تقول إنه شخص لم ينطق بحرف ضد عمليات التخريب والحرق بالمولوتوفات وقتل رجال الشرطة واستهداف مكون رئيسي من مكونات المجتمع، بل كان يدعم ذلك. شخص لم ينطق يوماً مدافعاً عن الشعب الإيراني المظلوم، ولا الشعب السوري، لأنه محسوب على تيار يوالي خامنئي ولا يحيد عن خطه، وللأسف التيار الليبرالي أيضاً سقط سقطة مدوية حينما حكم على نفسه بالعودة لعصر الرقيق والعبودية وسلم نفسه لـ«الوفاق»، الجمعية الموالية لإيران، تحركهم كما تشاء.

الفكرة هنا ليس بكل ما ذكرناه، الفكرة أن الحزب الديمقراطي وإعلامه ليست لديه أية مشكلة في مهاجمة ترامب وانتقاده وفعل ما يحلو لهم بهذا الشأن، لكن الحقيقة بأن هذا الحزب وكل من فيه لا يمكن أن يجرؤ على الوقوف ضد أية سياسة تتخذ لردع أية تهديدات تمس الأمن القومي الأمريكي، لا يمكن لأي واحد فيهم أن يتجرأ ويقف مدافعاً عن شخص يثبت أنه داعم للإرهاب، أو يتحدث بلسان عنصري ويحرض ضد القوانين والدستور.

لعبتكم هذه لن تنجح في البحرين مهما فعلتم، فإرث باراك أوباما وهيلاري كلينتون واضح تماماً، والمراهنة على أن الحزب الديمقراطي لو عاد للواجهة فإنه سيخضع السعودية والبحرين لمزاجه وهواه، وسيعيد سيناريو الفوضى في بلادنا، هي مراهنة خاسرة تماماً، فمثلما خسرت إدارتكم في 2011 عبر دعمها للإرهاب في بلادنا، فإن الخسارة محتومة لكل من يتدخل في شؤون البحرين ويسعى للإضرار بها.

أخيراً، معلومة قد لا يعرفها كثيرون، فالدستور الأمريكي فيه نصوص تجعل من المستحيل استبدال السلطة في الولايات المتحدة عبر إحداث انقلاب أو ثورة، فهذه الأمور الأخيرة تصنف على أنها «خيانة عظمى» ولا شيء آخر، بالتالي علمونا من ديمقراطيتكم التي لا تجعل أي انقلاب أو ثورة «يتنفسان» بحرية، يا ديمقراطيين!