أصبح الكاتب في الآونة الأخيرة يعتني بغلاف كتابه، ويهتم اهتماماً نوعياً لا يقل مستواه عن اعتنائه بمضمون كتابه.
إن غلاف الكتاب يعتبر مفتاحاً يتعانق فيه ثوب الجمال بروح الأدب والفكر والثقافة وهو عبارة عن خطة بصرية، الغرض منها تحفيز خيال القارئ نحو محتوى الكتاب.
«الكتاب يعرف من غلافه» والغلاف هنا إما أن يكون غلافاً كلاسيكياً لا يبحث عن الحداثة أو غلافاً حديثاً يتماشى مع التطور التكنولوجي ويهدف أولاً وأخيراً إلى جذب عين القارئ، فهل هناك دور فعلي تلعبه أغلفة الكتب في صناعة الكتاب، وهل يدفع تصميم الغلاف القارئ إلى شرائه؟ وهل فن تصميم أغلفة الكتب يلعب دوراً رئيساً في الساحة الثقافية؟
تعودنا تلقائياً -نحن القراء- أن تكون فكرة تصميم الكتاب مستوحاة من عنوان الكتاب أو من موضوعه، إلا أن المصمم الذكي هو الذي يأتي بشيء مغاير احترافي وجذاب حتى يثير خيال القارئ ويحرص ألا يكون التصميم ترجمة حرفية لما يدور في داخل النص.
في الآونة الأخيرة توصلت دور النشر، إلى أن تصميم الغلاف يسهم بنسبة خمسين بالمائة، في إعطاء الكتاب أهميته وقيمته، ذلك في حال كان المؤلف شاباً إلا أنه عندما يتقدم في العمر وتكون له مؤلفات عديدة أحدثت صدى في أسواق ومعارض الكتب.
فأديب نوبل المصري نجيب محفوظ كانت أغلفة كتبه تحمل إمضاء عدد من الاحترافيين من المصممين ولا تكاد تنظر أنت كقارئ حتى تعرف أن هذا الكتاب من أعمال نجيب محفوظ، بدون أن تقرأ اسم الرواية ومؤلفها.
إن لغلاف الكتاب تاريخاً وحكاية لا يعرفها سوى المهتمين بصناعة الكتب، والمهتمين بالفن والمصممين، حيث بدأت هذه الحكاية في القرن التاسع عشر، عندما كانت الكتب من المقتنيات الثمينة والمرغوبة بمضمونها وصناعتها. كانت تغلف ملزمات الكتب بخامات عالية القيمة والجودة، كالجلد والحرير. ونشأت الفكرة الأولى للغلاف من حاجة صناع الكتب لتغليف الكتب، وذاك من أجل حمايتها أثناء نقلها إلى المكتبات أو الباعة. وكانت طريقة تغليفها عادية مجرد ورق عادي يُلف به الكتاب، ومن ثم يمزق ويرمى بعد استلامه.
وخلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، تطور فن تصميم أغلفة الكتب الخارجية، إذ بدأ الناشرون فهم العلاقة بين التصميم الجيد للغلاف الخارجي ومبيعات الكتاب. وفي نفس الوقت، أصبح الفنانون في العالم يبحثون عن أعمال تؤمن لهم دخلاً، فأصبح هناك مزيج جميل بين الفن والأدب، وبات فن تصميم الكتب عنصراً مهماً في صناعة النشر، ومثال على ذلك، الغلاف الخارجي للطبعة الأولى للكاتب الأمريكي «سكوت فيتزجرالد» في روايته «غاتسبي العظيم»، والذي عرض بالمزاج ووصلت قيمته 75 ألف جنيه إسترليني!
أما الكتب العربية الحديثة نرى أغلفتها ركزت على الزخارف وأشكال الخطوط وأحياناً لوحات فنية يبرز من خلالها الفنان.
إن بعض النقاد يصفون عملية التركيز على الغلاف أمراً سلبياً وعملية توظيف غير بناءة للعملية الثقافية الأدبية، حيث يرون أنه يتم التركيز على الغلاف فينجذب القارئ لشراء الكتاب دون التركيز على المحتوى أو حتى والمؤلف.
لقد انتهى اليوم الأمر بأن يكون دور الغلاف للكتاب مجرد دور تعريفي للمحتوى، حيث أصبح اليوم مزيج عمل راقٍ بين فنان ومؤلف ودار نشر للخروج بنتاج أدبي مرموق يواكب ذوق الجمهور.