في برنامج مجمل القول على قناة السعودية طرح سؤال هام للغاية يدور بشأن ما هدف الرسالة التي حملها الرئيس الإيراني روحاني إلى ملك مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية والتي تم تسليمها إلى مساعد وزير الخارجية الكويتية لأجل حمل مبادرة مشروع تأمين الملاحة في مضيق هرمز وإحلال السلام بالمنطقة وحل الخلافات مع الجيران!

هل هذه الرسالة الرسمية التي توجهها إيران إلى البحرين والسعودية تحمل نوايا خير أم هي محاولة لأجل إيجاد فرقة بين الدول الخليجية تجاه مواقفها وعلاقاتها مع إيران المعروفة أنها من الدول الراعية للإرهاب والمصدرة له ومحور الشر بالمنطقة!

لو عدنا واسترجعنا مواقف إيران في المنطقة قبل هذه الرسالة الرسمية التي من الملاحظ أنها تأتي كمراوغة سياسية من أكبر دولة مصدرة للإرهاب في العالم وتستهدف دائماً في مخططاتها ضرب السلم والأمن الإقليمي والدولي لوجدنا ما قامت به من مهاجمة المنشآت النفطية في أرامكو السعودية أمام تشديد الخناق على اقتصادها ونفطها أن تلك العدوانية لا تتماشى أساساً مع رسالة السلام التي تحملها اليوم إيران كما أن تصريحات رئيسها روحاني قد ارتكزت خلال شهر أغسطس الماضي مع عدد من المسؤولين الإيرانيين كوزير الخارجية الإيرانية والمتحدث باسم الخارجية الإيرانية على المهاجمات المستمرة سواء لمملكة البحرين أو غيرها من الدول التي تعمل على تأمين سلامة وتعزيز الأمن البحري والجوي كما قامت إيران بالتهديد بإغلاق الممرات المائية الدولية ومضيق هرمز وتهديد أمنها ففي أغسطس أكد الرئيس الإيراني روحاني أمام تشديد العقوبات الأمريكية على النفط الإيراني أن الممرات المائية الدولية لن تكون آمنة وهي تصريحات مستفزة تعكس النوايا الإيرانية ومخططاتها تجاه الأمن البحري والجوي وقام وزير الخارجية الإيراني بمهاجمة إعلان بريطانيا انضمامها إلى المهمة البحرية الأمنية و«ركزوا هنا» الترحيب بالمبادرة الأمريكية لتأمين حماية السفن التجارية التي تعبر مضيق هرمز جراء الانتهاكات المستمرة من النظام الإيراني في مهاجمة السفن وقيام النظام الإيراني باحتجاز ناقلة نفط ترفع العلم البريطاني في مضيق هرمز وهو تصريح عكس حجم الاهتزاز الإيراني من ترحيب بريطانيا كدولة أوروبية بمبادرة أمريكا ودفع إيران لكشف وجهها القبيح والحقيقي بشكل متسرع تحاول اليوم تمويهه وإخفاءها على أمل كسب الدول الأوروبية وإيجاد مصالح مشتركة معها في سبيل الإطاحة بالمبادرة الأمريكية.

كما أن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي هاجم مملكة البحرين واستضافتها للمؤتمر الدولي لأمن الملاحة البحرية والجوية داعياً مملكة البحرين ألا تصبح واسطة لتنفيذ رغبات ما وصفهم بالأعداء المشتركين ومخططاتهم في المنطقة وهو تدخل سافر من دولة لا تحترم سيادة الدول ولا مواثيق الأمم المتحدة فالمؤتمر الذي عقد في مملكة البحرين أعلن أن المبادرة الأمريكية لتأمين الأمن البحري والجوي ستطرح خلاله لكسب المزيد من التحالفات الدولية بالأخص مع الدول الأوروبية وهو بالطبع ما يضرب مخططات إيران التوسعية في المنطقة بمقتل ويوحد الموقف الدولي ضدها وهو ما لا ترغبه بالطبع إيران ولذا هاجمت إيران وقتها مملكة البحرين واعتبرت المؤتمر أكبر تهديد لمخططاتها ومصالحها في المنطقة.

إيران تعتبر المبادرة الأمريكية المطروحة أكبر تهديد يقضي على أوهامها في المنطقة فالمؤتمر الدولي لتعزيز الأمن البحري والجوي الذي عقد في مملكة البحرين بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية والذي جاء كأحد نتائج المؤتمر الدولي لدعم الأمن والسلام في الشرق الأوسط الذي عقد في وراسو فبراير الماضي والذي يؤكد أن إيران أكبر تهديد لأمن الملاحة البحرية والجوية في المنطقة يشكل تهديداً للمصالح الإيرانية مع بعض دول العالم كعدد من الدول الأوروبية وحلفائها من دول شرق وغرب آسيا كشف لإيران التباين في المواقف الدولية والإقليمية تجاه اعتبارها دولة إرهاب وشر.

لذا فهي اليوم تحاول المراوغة السياسية واللعب على وتر العلاقات الدبلوماسية وإظهار نفسها أمام العالم أنها «محضر خير» وأنها تتماشى مع التوجه العالمي في القضاء على الإرهاب وتعزيز السلام الدولي من خلال قلقها على مصير سلامة الملاحة الجوية والبحرية وطرحها لمبادرة سلام ووساطة مع السعودية والبحرين وكلها أقوال تخالف أفعال إيران على أرض الواقع وهي بذلك لا تحاول إيجاد شق وفرقة بين المواقف الخليجية وتباينها تجاه عدوانيتها في الممرات المائية الدولية بالأخص عند مضيق هرمز فحسب بل أنها أيضاً تحاول استمالة المواقف الأوروبية بالطبع التي ما تزال متذبذبة تجاه علاقاتها مع إيران كما أنها تحاول كسب عامل الوقت لاستمرار مخططاتها الإرهابية في المنطقة وتمددها داخل الدول العربية وبسط المزيد من قواعدها الإرهابية وعدم انهيار وفشل مخططاتها بالأخص في اليمن والعراق ولبنان وهي في ذلك تدرك أن مؤتمر وارسو حمل مواقف ضبابية ومتذبذبة من الجانب الأوروبي بخصوص الموقف العام تجاه إيران كمصدر لتهديد الأمن الإقليمي والعالمي بالأخص الأمن الجوي والبحري وهي تحاول اللعب على هذه الورقة ولذلك لجأت إلى تقديم هذه المبادرة المضللة والمليئة بالتناقضات بعد انتهاء مؤتمر البحرين تحديداً في سبيل عدم التجاوب مع المبادرة الأمريكية والإعراض عنها أمام وجود خيارات عدة ومبادرات أوروبية وروسية أيضاً يتم تباحثها وكل ذلك في سبيل عدم الانخراط في التحالف العسكري بقيادة أمريكا وإفشاله.

إيران تدرك أنه من الممكن أن تكون هناك تحالفات إقليمية ودولية بديلة أخرى بعيدة عن المبادرة الأمريكية أمام تباين المواقف للدول ومراعاة مصالحها وعدم التصادم مع إيران بالأخص في الملف النووي والعقوبات على النفط الإيراني لذا فهي تسعى جاهدة إلى تشتيت الجهود من خلال طرح مبادرة على أمل أن تطرح بقية الدول مبادرات أخرى تسحب البساط من المبادرة الأمريكية التي هي الأبرز حالياً لمواجهة العدوان الإيراني والاعتداءات الإيرانية المتكررة على السفن في مضيق هرمز وهذا هو أحد أسرار الرسالة التي يوجهها اليوم الرئيس الإيراني إلى ملكي مملكة البحرين والسعودية فهي محاولة تغطية وتضليل حتى أمام الدول الأوروبية.

إن المخططات الإيرانية التوسعية بالمنطقة تقوم أحد أعمدتها على الاستيلاء على مضيق هرمز فإيران ترى الخليج العربي أنه «خليج فارسي» ولها حق تاريخي فيه من خلال تزوير تاريخ المنطقة العربية بالأصل ودليل ذلك شعار «إيران والعراق لا يمكن الفراق» الذي يحمله أتباع النظام الإيراني في العراق حالياً وأيضاً القيادات الإيرانية في طهران أمام ثورة الشعب العراقي وانتفاضته ضد التدخلات الإيرانية في العراق لذا فمن المحال بصعوبة تصديق أن إيران ستتخلى عن ذلك كله وهي التي لطالما صرح مسؤوليها بأن مملكة البحرين محافظة إيرانية كما أن الشباب الذي يقوم نظام طهران بتغريره وتجنيده في خلايا إرهابية معادية لأمن واستقرار مملكة البحرين والمنطقة ككل يؤمن بمشروع المد الصفوي القائم على تزوير تاريخ المنطقة العربي والإيمان بأن مملكة البحرين محافظة إيرانية وأكبر دليل على ذلك إعلان البحرين جمهورية إسلامية تتبع إيران خلال مؤامرة قلب نظام الحكم في 2011 على يد أتباع إيران.

من يتابع مبادرة إيران للسلام وتأمين أمن الملاحة يدرك أن إيران بحاجة إلى الاستمرار في الكذب والتضليل فهي بحاجة إلى استمرارها كدولة ونظام!