في محاولة مضحكة للنأي بإيران عن الذي حدث أخيراً في العراق ولا يزال قامت صحف النظام الإيراني بشن «حملة إعلامية شرسة لتشويه صورة المظاهرات التي تشهدها أغلب المحافظات والمدن العراقية» واعتبرت أن ما يحدث في العراق هو مؤامرة «سعودية - أمريكية» تستهدف إيران ودورها ونفوذها في المنطقة»!
التقارير الإخبارية ذكرت أن صحيفة «كيهان» التابعة لخامنئي قالت إنها «حصلت على وثائق تثبت تورط السعودية والولايات المتحدة وإسرائيل في مظاهرات العراق» «...» وإن «الشعب العراقي سيقوم بإجهاض الفتنة «السعودية الصهيونية» «...»، بينما وصفت صحيفة «جام جام» الحكومية مظاهرات العراق بـ«الفتنة السعودية ضد مراسم الأربعين الحسينية التي ستقام بحضور ملايين الإيرانيين في العراق» «...» وأن هناك أسباباً أخرى ومقنعة لدى السعودية لتحريك الشارع العراقي».
النظام الإيراني يجتهد هذه الأيام في نشر فكرة أن السعودية هزمت في اليمن وأنها «في ظل هذه الظروف يجب أن تقدم الرياض تنازلات كبيرة في المفاوضات مع طهران» «...» وأنه «لذلك يعتقد السعوديون بأنهم عن طريق التحريض على الفوضى في العراق يمكنهم الحصول على تنازلات إذا ما تفاوضوا مع إيران»! مؤكدة بذلك استمرار النظام الإيراني في الاعتقاد بأن الآخرين كلهم من الغباء بحيث يمكن أن يصدقوا هذه الترهات وأن العراقيين الذين رددوا عبارة « العراق حرة حرة.. إيران بره بره» في مظاهراتهم تنطلي عليهم هذه الحيلة.
التقارير الصحفية ذكرت أيضاً أن صحيفة «قدس» التابعة لتيار المحافظين في إيران بينت أن السبب الرئيس وراء مظاهرات العراق هو تحريض سعودي عبر هاشتاق «العراق ينتفض»! أما الرد عليه فهو بالقول بأن شعباً يسهل تحريكه بواسطة هاشتاق واحد يعني أنه يعاني كثيراً ولا يحتاج إلا إلى نكزة ليتحرك ويثور.
أما الصحف الإيرانية الأخرى مثل صحيفة «صبح نو» فلم تتردد عن مهاجمة المتظاهرين العراقيين الذين رفعوا شعار «بغداد حرة حرة وإيران تطلع بره»، فهذا في نظرها ونظر أرباب النظام الإيراني خط أحمر، فأي خروج هذا الذي يريده العراقيون من الإيرانيين بعد كل هذا التغلغل الذي تم؟!
قصة أن السعودية أو مصر أو أمريكا وإسرائيل حرضت الشعب العراقي وجعلته يتظاهر قصة لا يمكن أن يصدقها أحد لأنها غير منطقية وغير واقعية ولأن العالم كله يعرف أن الشعب العراقي يعاني من الفساد المستشري في بلاده وأنه بسبب ذلك لم يعد يجد ما يعينه على الحياة الحرة الكريمة.
العراقيون لم يخرجوا إلا بسبب معاناتهم التي سببها الأول والأخير هو تمكن النظام الإيراني من القرار العراقي. لم تحركهم السعودية ولا أمريكا ولا إسرائيل ولا غيرها. الشعب العراقي ظل يعاني من الحكم المسير من قبل النظام الإيراني لذا خرج وطالب ورفع الشعارات. ولأن النظام الإيراني استكثر عليه هذا الأمر لذا تعامل معه بالرصاص فقتل العشرات وجرح الآلاف واعتقل الكثيرين والأكيد أنه سيواصل هذا السلوك معتقداً أن بإمكانه أن يركع هذا الشعب العربي الأصيل وأن بإمكانه أن يضحك على العالم بتلك التفسيرات.
ما مر مخيف لكن الآتي مخيف أكثر، فالعراق مقبل على الاحتفال بذكرى أربعينية الإمام الحسين عليه السلام والإيرانيون يتواجدون في هذه المناسبة بأعداد تجعل الرائي يعتقد بأن العراق جزء من إيران.
التفسير الصحيح لأسباب ما يجري في العراق الآن هو ما أودعه الصحفيون بين علامتي التنصيص هذه «يحتج العراقيون منذ سنوات طويلة على سوء الخدمات العامة الأساسية من قبيل الكهرباء والصحة والماء، فضلاً عن البطالة والفساد، في بلد يعد من بين أكثر دول العالم فساداً، بموجب مؤشر منظمة الشفافية الدولية على مدى السنوات الماضية». عدا هذا يدخل في الكلام الفارغ الذي يروج له النظام الإيراني.