رقم مهول وصادم، ذاك الذي كشفه الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدولية، خلال افتتاح ورشة عمل متخصصة لـ»بناء القدرات في مملكة البحرين حول حماية القطاع غير الربحي من الاستغلال الإرهابي».

الشيخ عبدالله تحدث عن «بنك المستقبل الإيراني» والذي دار حوله الكثير من الكلام فيما يتعلق بدوره في تمويل العمليات الإرهابية التي كانت تتم داخل البحرين، وعلاقته بمحاولة الانقلاب عام 2011، والتي كان لإيران فيها اليد الطولى من خلال عمليات التخطيط والدعم والتمويل.

تخيلوا أن حجم المبالغ التي رصدت وخصصت لاستهداف البحرين، من خلال دعم النشاطات الخفية والظاهرة التحريضية للجماعات الراديكالية والمجموعات المتطرفة، ومن يقومون بعمليات التفجير واستهداف الشرطة وتخريب الممتلكات العامة بلغت في مجموعها العام 9 مليارات دولار!

تخيلوا حجم هذا الرقم، والذي إن لم يذهب كله في أوجه دعم الإرهاب، فإن جزءاً منه ذهب بالتأكيد إلى حسابات وجيوب قادة التحريض ومتصدري عمليات التأزيم، إذ أولم تكتشف السلطات البحرينية وجود مبالغ مليونية في حساب مرجع الوفاق المعمد من مرشد إيران عيسى قاسم، هذا الأخير الذي مازال مستمراً في تحريضه على البحرين من الخارج، بعد أن أجج الوضع بالداخل حينما كان ينشط هنا؟!

بحسب ما فصله الشيخ عبدالله بن أحمد، فإن بنك المستقبل من خلال فرعه بالبحرين والذي كان واجهة مصرفية تختفي خلفه عمليات داعمة للإرهاب، فإن هذا المصرف قام بالتالي:

* غسل مبلغ 4.7 مليار دولار عبر رسائل «سويفت».

* غسل مبلغ 2.7 مليار دولار بطريقة قديمة تتمثل في إرسال الرسائل بين البنوك باستخدام شفرات تستخدم لمرة واحدة، وكان التسليم يتم يدوياً.

* بلغ مجموع كل تلك الأموال المخالفة التي تم اكتشافها حوالي 9 مليارات دولار.

* بعض هذه الأموال كانت تصل إلى منفذي الأعمال الإرهابية والمشاركين بها.

لربما يظن كثيرون بأن العالم بدأ منذ فترة قصيرة حربه على الإرهاب، بينما الواقع يقول بأن المجتمع الدولي بدأ هذه المعركة حتى قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية، فكما بين الشيخ عبدالله، ناقشت عصبة الأمم مشروع اتفاقية منع ومعاقبة الإرهابيين منذ عام 1934، وكذلك وضعت الأمم المتحدة الاتفاقية الدولية لمكافحة الإرهاب عام 1963، وضمن مساعي مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب أنشئت في العام 1989 مجموعة العمل المالي الدولي بهدف تجفيف منابع الإرهاب، وبعدها صاغت الأمم المتحدة اتفاقية لقمع تمويل الإرهاب عام 1999، وفي عام 2006 تم اعتماد استراتيجية مكافحة الإرهاب، وحتى اللحظة هناك عشرات التحركات والتحالفات الدولية لمناهضة الإرهاب، خاصة بعد الأحداث الكثيرة المسببة لزعزعة الاستقرار ونشوء كيانات إرهابية تعلن عن نشاطاتها وجرائمها بصراحة، ووجود عشرات من الكيانات التي تنشط في سبيل الإضرار بأمن واستقرار الدول، وكثير منها له تمويله الصريح.

إيران «رأس حربة الإرهاب الدولي»، توصيف لم يطلق هكذا، بل جاء بعد دلائل وإثباتات بأن هذا النظام يستخدم الإرهاب أداة رئيسة له لتنفيذ أجندته وتحقيق أطماعه، والأرقام التي كشفت تثبت حجم التمويل الذي يقدم للإرهابيين، سواء الموجودين على الأرض في الدول، أو أولئك المنتشرين في الخارج ليشكلوا تكتلات تحت مسميات «المعارضة» رغم أن حقيقتهم تتمثل بكونهم «إرهابيين» ولا شيء آخر.

رغم الجهود التي تبذل من الدول، فإن داعمي الإرهاب يبتكرون الطرق العديدة لدعم الجماعات الإرهابية التي تنفذ على الأرض، واليوم لا مجال للتهاون في أي شيء، فالإرهابي مهما ادعى أنه ساع وراء شعارات مثل الديمقراطية والعدالة والمساواة، إلا أنها أغلفة لحقيقته المتمثلة بتبعيته لجهات ترى الإرهاب سلاحاً ماضياً لاستهداف استقرار الدول وتمزيقها.

حفظ الله البحرين من كل سوء وشر، وستظل بلادنا تعمل وتجتهد من خلال كل فرد مخلص، وكل كيان باختلاف اختصاصه في محاربة هذا الإرهاب ونبذه والتصدي لمروجيه وداعميه ومنفذيه.