أصبحت الأزمة الإسكانية شائكة جداً في السنوات الأخيرة لكثير من دول العالم، ومن بينها البحرين، وللعمل على إيجاد حلول لتلك الأزمة، كان المتضرر الأول في تلك العملية هو البيئة، وذلك من خلال التمدد العمراني على حساب الأراضي الزراعية، ما يعني انحسار المساحات المزروعة في البلاد. وكبادرة ذكية من صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، قرينة عاهل البلاد المفدى، رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، فقد أولت التشجير في البحرين عناية بالغة ووجهت نحو الاهتمام بالبيئة بشكل عام.

من الأفكار الذكية التي قدمتها مدينة ميلان الإيطالية، مشروع سكني وغابة عمودية في آن واحد، ولعل الباحث في هذا الموضوع قد لا تشده جمالية الصورة والابتكار الهندسي للمشروع وحسب، بل سيلفت نظره أيضاً أبعاد ذلك التصميم الفريد المزمع تكراره في وقت قريب في العاصمة المصرية القاهرة، وربما ينطلق في وقت قريب جداً لدول العالم الأخرى. وقد أطلق على هذه الغابة اسم غابة «بوسكو فيرتكالي» العمودية، إذ يتكون هذا المشروع السكني من برجين يحتويان على 900 شجرة و5000 شجيرة و11 ألفاً من النباتات الزهرية، وفي تقرير بثه مرصد المستقبل عن هذه الغابة جاء أن هذه الأشجار والنباتات إلى جانب المبنى نفسه، «يرسمان معاً مشهداً ساحراً في أفق يخلو من اللون الأخضر».

ليس هذا وحسب، فثمة فوائد علمية متعددة جيء على ذكرها لهذا المشروع الإسكاني الفريد، إذ تعمل الأشجار على إزالة الكربون من الهواء بأقل التكاليف الممكنة، إلى جانب خفض نسبة الضباب الدخاني وذلك عبر إزالة ما يعادل 20 ألف كيلوجرام من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، يضاف إلى ذلك أن الغابة تسهم في خفض درجات الحرارة داخل المبنى خصوصاً في موسم الصيف، ناهيك عن الدور الذي تلعبه هذه الأشجار والنباتات في خفض معدل التلوث السمعي لسكان البرجين.

* اختلاج النبض:

إن دول الخليج العربي ونظراً لما تعانيه من ارتفاع في درجات الحرارة أغلب أيام السنة، ونظراً لمشكلات التلوث البيئي التي تعاني منها، فقد أصبح من الضرورة بمكان أن تعتني بعمليات التشجير بطرق ذكية تحاكي هذه التجربة الإسكانية المبتكرة وبما يوفر من مساحات الأراضي ويحقق الهدفين في آن واحد. إن تنفيذ هذا النوع من المشروعات مسألة لا تعني وزارات الإسكان وحدها، وإنما لهيئات ومؤسسات البيئة في المنطقة دور بالغ الأهمية في الدفع نحو تطبيق التجربة والبحث عن حلول مشابهة، على نحو يجعل منها حلولاً عملية وغير مكلفة في آن، لكي لا ترتطم الحلول المطروحة أيضاً بعقبة الميزانيات في زمن التقشف وشد الحزام.