لماذا تحسس الشارع البحريني بأكمله مما جاء على لسان رئيس مجلس الشورى علي صالح الصالح رداً على عضوة مجلس الشورى منى المؤيد، حينما تحدثت عن عدم واقعية مساواة الفقير بالغني عند دفع ضريبة بنسبة 5% عندما يتم شراء سيارة، حيث علق عليها رئيس مجلس الشورى «فقير ويشتري سيارة.. خوش فقير!!».
الموقف الذي حصل وانزعجت منه كثير من فئات المجتمع البحريني وأصيبت بالدهشة من أن يصدر هذا التعليق المستفز من ممثل أحد غرفتي السلطة التشريعية، يعود بنا بالذاكرة إلى طرفة تقول «أهلي إذا شافوني مريض وجالس أطالع التلفزيون يقولون.. هذي المريض؟»، هناك العديد من المواقف المماثلة التي تحصل بواقعنا وتصيبك بالدهشة من طريقة تحليل بعض العقليات للأمور والتصرفات، فحتى طرفة المريض تقدم نموذجاً واقعياً عن كيف ينظرون الناس، فلو قام «فقير» مثلاً باستخراج سيارة من وكالة ستجد البعض يعلق «كيف فقير ويطلع سيارة من وكالة.. هذي الفقير؟» متناسياً أنه قد لجأ لذلك لامتيازات تغنيه عن أعباء السيارة المستعملة ولأنها تكون تحت فترة الضمان ولأنه يحتاجها لقضاء أموره الأساسية في الحياة!
كثير من فئات الشارع البحريني تحسسوا من كلمة رئيس مجلس الشورى وتعليقه، وهناك فئات منهم لم يتحسسوا من الكلمة بقدر ما تحسسوا من فكرة «فقير ويشتري سيارة!»، رغم أنه اعتذر وقدم للناس توضيحاً وأن المقصود بكلمة فقير هو الذي لا يستطيع تأمين قوت يومه وأن الكلمة المستخدمة كانت غير مقصودة، ومنهم من تقبله ورحب بالاعتذار ومنهم من لايزال على موقفه ويرى أن الاعتذار والتوضيح غير مقنع.
بعيداً عن قضية الصالح والناس نأتي لفكرة «خوش فقير.. وفقير ويشتري سيارة» هي فكرة بالعموم تعكس نظرة لا يمكن إنكار وجودها في المجتمع ويمارسها الكل بأشكال متفاوتة وعلى درجات مختلفة، حتى أولئك الذين سخطوا من تعليقه واستفزتهم كلمته وهاجموه.. على الكثيرين أن يواجهوا فكرة أن المعظم يمارس ويطبق منهجية وفكرة «فقير ويشتري سيارة!» للأسف دون أن يراعوا حاجات هذا الفقير، فقد يكون قد أخذها حتى يؤمن قوت يومه أو أخذها للتأجير وتوصيل الناس بمقابل مادي!
هناك عقليات عجيبة غريبة فعلاً بل قد تمرك عقليات تراها تتحدث بنفس هذه القناعة «ما عندهم ويسافرون؟ ما عندهم ويروحون المطعم أو المكان الفلاني؟ ما عندهم ويدرسون عيالهم بمدارس خاصة؟ ما عندهم ويسافرون «والقائمة تطول..».
هناك من يرى الخير لنفسه ويستكثره على غيره وتلك حقيقة حاصلة ومطبقة لدينا، كما هناك عقليات أكثر غرابة وهي العقليات التي تحصل في حياتها على كل شيء بالمجان ووفق امتيازات تخص حياته وعائلته وتستكثر أن يحظى بها الآخرون الذين قد جاؤوا بهذه الأمور بعد جهد ومشقة وعمل متواصل، متناسين أن الإنسان بالنهاية فطرته تقوم على حاجات ورغبات، فالإنسان بحاجة أمام ضغوط الحياة المستمرة إلى السفر وممارسة أنشطة ترفيهية وأمور قد تصنف على أنها ضمن قائمة الكماليات، بل إن من يمارس الضغط على نفسه ليل نهار لأجل توفير حاجات عائلته وأبنائه يحتاج للسفر وللاستجمام بين وقت وآخر أكثر من أي شخص آخر!
وللحديث صلة