قبل ما يزيد على الأربعة أيام أصدرت وزارة الداخلية بياناً أكدت من خلاله على أهمية الدفاع عن المكتسبات الوطنية وتعزيز الاستقرار وتأكيداً على السلم الأهلي وحماية الجبهة الداخلية، وحمل البيان ما حمل من ثوابت راسخة تتضمن الواجبات المنوطة بالمواطن الصالح ودوره في المساهمة بكل ما ذكر.
لكن وعلى الرغم من صياغة البيان بلكنة عسكرية يسودها الحزم والحسم، والتأكيد على دور الوزارة في حماية وضمان السلم الأهلي، والأمن والأمان، إلا أن جزءاً داخل البيان استوقفني، وكأنه شعر بغصّة، إنه ذلك الجزء الذي يتحدث فيه عن شهداء الواجب وكيف أن بعض المنابر صمتت تجاه ما حدث من أعمال إرهابية يندى لها الجبين، تلك الأعمال التي حصدت أرواح 22 من شهداء الواجب، 22 ربّ أسرة لم يسمع أبناؤهم وعوائلهم أي استنكار من تلك المنابر المحرضة على الفتنة والإرهاب، ناهيك عن أربعة آلاف مصاب بإصابات متفرقة.
لست في سياق تحليل بيان وزارة الداخلية، ولكن هذه الفقرة هي التي استوقفتني، فقرة من ضمن سياق البيان، وجمل ضمن مئات الجمل التي جاءت في ذلك الخبر، استشعرت للحظة حال ذوي الشهداء والمصابين وهم يقرؤون خبر زيارة عدد من نواب الشعب إلى مجلس السيد عبدالله الغريفي، يا ترى كيف كانت ردود أفعالهم وهم يرون الابتسامة ظاهرة وكأننا في عالم مختلف عن العالم، ومع شخصية أيدت وباركت ما حدث، ولم تستنكر وقتها أو حتى بعدها ما حدث من عنف وخراب وإرهاب.
أقول عذراً لوزير الداخلية، فقد لمسنا الجرح الغائر وسط البيان، وشعرنا بمدى الألم، ولكن في الوقت ذاته استشعرنا بأهمية المسؤولية وحجمها خاصة في ظل التحديات الراهنة، فالبحرين كما كانت ستبقى، عرفناها منذ القدم طائفة واحدة، وجسداً واحداً، حتى وإن حاول البعض تكدير صفو الجو العام بمبادرات ليس لها أي أساس أو هدف أو معنى، ستقبى البحرين بمدنها وقراها عائلة واحدة، ترفض وتقف ضد المخطئين والمسيئين مهما كانت حظوتهم لدى البعض، ومهما علا شأنهم لدى الخارج.
يبقى السؤال الحائر لمن قام بتلك الزيارة ممن يفترض بهم بأن يكونوا ممثلين للشعب، ماهي أسبابكم ومبرراتكم؟ وماهي النتائج التي توصلتم إليها؟ وهل التقيتم بناخبيكم ومن صوتوا لكم ونقلتم لهم تلك النتائج؟ وهل استقبلوكم بالأفراح وحملاً على الأكتاف؟
إن كانت إحدى الجمعيات طالبتهم باعتذار فناخبوهم يطالبون بأكثر من ذلك...