لا شك في أن الدين الإسلامي بمجمله جاء لتنظيم حياة الأفراد والمجتمعات كافة منعاً للفوضى والتعدي على الحقوق. فقدم لنا تشريعات عديدة تضمن حقوق الناس وتهذب سلوكهم وممارساتهم ومن أهم وأبرز تلكم التشريعات «الصلاة». فالصلاة تعتبر هي المحفز الأول للإنسان المسلم على الالتزام بالقيم الإنسانية والأخلاقية، وفي حال لم تفعل الصلاة في نفوس المسلمين وسلوكهم مفعولها الحقيقي، فهي تعني أنها مجرد حركات وسكنات فارغة.

ليست الصلاة وحدها شُرعت لتهذيب النفس الإنسانية، بل الصوم كذلك وبقية العبادات الأخرى. وبما أننا في شهر رمضان، فمن المؤكد أننا نجمع بين أهم عبادتين اثنتين في حياتنا اليومية، ألا وهما الصلاة والصوم، وعليه يجب أن يكون السلوك في شهر رمضان أكثر نقاء ووضوحاً عن بقية الشهور الأخرى.

إذ لا يمكن -على سبيل المثال- أن نبرر للمسلم أن يدخل المسجد للصلاة وفي المقابل يقوم برمي سيارته في وسط الشارع مسبباً إرباكاً لمستخدمي الطريق، أو أن يركن سيارته بحيث يسدّ مخارج ومداخل بقية الطرق الأخرى. هنا، لا يمكن للصلاة أن تكون مبرراً لهذا السلوك المنافي للأخلاق والقيم الإنسانية، بل من الواجب أن تكون الصلاة هي التي تأمره أن يقوم بركن سيارته في المكان المخصص للسيارات حتى ولو تطلب منه هذا الأمر أن يذهب للمسجد مسافات طويلة مشياً على الأقدام.

اليوم يشتكي الكثير من الأهالي في كل المناطق من بعض المصلين، بأنهم يقومون برمي سياراتهم في الشارع أو يقومون بسد الطرقات المهمة أو بحجز بقية السيارات داخل المنازل المحيطة بالمسجد والوقوف على أبواب «كراجاتها» لدخول المسجد لأداء فريضة الصلاة الواجبة أو المستحبة دون أدنى خجل أو مسؤولية. بينما من المفترض أن تكون الصلاة هي المحفز الحقيقي ليبقى المسلم داخل دائرة الأخلاق العامة في كل خطوة يخطوها.

مواقف خاطئة تصدر من بعضهم وقت الصلاة في يوم الجمعة وفي ليالي شهر رمضان وقت صلاة التراويح بحجة دخول المسجد لأداء الفريضة الواجبة أو المستحبة. رمي مئات الأطنان من الطعام الصالح للأكل إلى حاويات القمامة كل يوم باعتبارها فائضاً عن الحاجة، إضافة لتسيّب بيِّن في الأعمال والوظائف وعدم أداء مسؤولياتهم في العمل بالشكل اللائق وبالأمانة المهنية الكافية، واستخدام أسوأ الألفاظ وأقبحها مع الآخرين في هذا الشهر الفضيل، ثم بعد كل هذه الفواحش الأخلاقية يقول المخالف لتعاليم الإسلام وقت أن يريد أن يتكلم «اللهم إني صائم»!