كثُرت في الآونة الأخيرة ظاهرة تسجيل مقاطع «فيديو» مرئية ومسموعة تتحدث عن مشكلة اجتماعية أو قصور في الخدمات المُقدَّمة للمواطنين، ومن ثم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل عشوائي في سبيل أن تُحل هذه المشكلة لو انتشرت أو وقعت في يد المسؤولين. وهنا لنا بعض الملاحظات.

نحن نؤمن أن من أفضل الوسائل وأكثرها هدوءاً لمعالجة أي مشكلة كانت، هي وسيلة رفعها للجهات المعنية للنظر فيها ومن ثم متابعتها لأجل معالجتها بشكل كامل وبطريقة سرية جداً تُحفظ من خلالها خصوصية صاحب المشكلة. بينما نجد أن نشر المشكلة «بالصوت والصورة» على رؤوس الأشهاد وفي كل مواقع التواصل الاجتماعي لتعبر حدود كل البلدان والقارات في لحظات معدودات فهذا فيه تجنٍّ على صاحب المشكلة وانتهاك لحرمته وخصوصياته، فما أن تخرج القضية أو المشكلة من يد الجهات المعنية إلى كافة طبقات المجتمع فإن حلها يبقى معقداً للغاية، إضافة لكل ذلك تظل المحافظة على خصوصية الأفراد خارج نطاق السيطرة، مما يعرض صاحبها للحرج والإساءة وربما التهكم عليه بطريقة غير لائقة من طرف الناس.

اليوم، هناك الكثير من القنوات الإعلامية الرسمية يمكن طرقها بكل هدوء وطمأنينة دون الحاجة لعرضها أمام الرأي العام. فهناك على سبيل المثال النظام الوطني للمقترحات والشكاوى «تواصل» والذي يُعتبر أحد القنوات الإلكترونية الرئيسة التي تمكن السادة المواطنين والمقيمين من تقديم أي مقترح أو شكوى موجهة إلى إحدى الجهات الحكومية بمملكة البحرين بصورة سهلة وسريعة، ومن أي مكان وفي أي وقت. كما أنه توجد في كل مؤسسة حكومية أقسام معنية بمتابعة شؤون المواطنين والنظر في شكاواهم. كما أن أبواب بعض المسؤولين مفتوحة للجميع يمكن للمتضرر رفع الشكوى بمكاتبهم بطريقة رسمية وقانونية مُوَثَّقة.

لكن، أن يلجأ المواطن المتضرر وقبل كل شيء ومن أول خطوة ومن دون اتباع الطرق الصحيحة والقانونية في رفع الشكوى، بتصوير نفسه أو تصوير أحد أقاربه بطريقة فجَّة وكريهة ومن ثم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي فهذا الفعل لا يليق أبداً، لأن فيه هدراً لكرامة المتضرر وخصوصياته. ولعل ما يزيد الأمر سوءاً في هذا الأمر، هو نشر مقاطع مصورة فيها من المعلومات الكاذبة وغير الدقيقة قد ترسل صاحبها أو من قام بنشرها للنيابة العامة للمحاسبة والتحقيق.

نحن ننصح الجميع أن يستخدموا القنوات الرسمية لبث مشاكلهم وشكاواهم ليحصلوا على نتائج مضمونة وآمنة. كما ننصح جميع المواطنين بتوخي الحيطة والحذر من ناحية تصديق كل المقاطع المصورة والمسجَّلة التي تقع بين أيديهم وعدم نشرها للحفاظ على خصوصيات الأفراد وسلامتهم. أمَّا الكلمة الأخيرة فإننا نوجهها للمسؤولين وبعض الجهات الرسمية في أن تسارع بحل قضايا المواطنين والمقيمين بطريقة سلسة وسريعة حتى لا تضع بين أيدي الناس مبررات لنشر مثل هذه المقاطع بحجة ألا أحد يسمع صوتهم، خاصة إذا شعروا أيضاً أنها تؤدي مفعولها بشكل أسرع من أن لو لجأ هؤلاء للقنوات الرسمية. هذا الأمر يجب أن يلتفت إليه كافة المسؤولين في الدولة.