من الأمور المثيرة أن منظمات حقوق الإنسان والفضائيات التابعة لها لم تتطرق لمسألة قيام حركة حماس بقمع الشعب الفلسطيني في غزة، وهكذا فعل الإخوان المسلمون في كل مكان، فهؤلاء جميعاً يعتقدون أن القمع الذي تمارسه أي جهة محسوبة عليهم لا يمكن تصنيفه في باب القمع، فبعد عدة أيام من قيام حماس باستخدام الأجهزة الأمنية التابعة لها والمسلحين المدنيين القوة المفرطة واستمرارها في هذا السلوك لاتزال المنظمات الحقوقية «تراقب» الوضع ولم يصدر عنها أي بيان يعبر عن انزعاجها وألمها ولم تحتج رغم علمها وتأكدها من أن الذين تظاهروا في غزة خرجوا احتجاجاً على الغلاء والضرائب، وكذلك الإخوان المسلمون. كل الجهات المعنية بحماس والمستفيدة منها لم تكلف نفسها حتى التنديد بذلك القمع الذي حدث على مرأى من العالم بل لم تشر حتى إلى الإضراب العام الذي شهده قطاع غزة تنديداً بالقمع وتعبيراً عن رفض هذه السلوكيات من منظمة.. إسلامية.

في الأيام القليلة الماضية شوهد «مسلحون من الأجهزة الأمنية التابعة لـ»حماس» يطلقون النار صوب متظاهرين ويستخدمون العصي والهراوات في ضربهم إضافة إلى سحلهم واعتقالهم في مواجهة داخلية غير مسبوقة منذ سيطرت الحركة على قطاع غزة بالقوة قبل 12 عاماً» وخلالها بث «كثير من المتظاهرين صوراً لهم أو لأصدقائهم بعد تعرضهم للضرب المبرح الذي أدى في كثير من الحالات إلى إسالة الدماء وتكسير أطرافهم»، موفرين المثال على حجم التناقض بين الشعارات التي ترفعها هذه الحركة وممارساتها التي لا تختلف عن ممارسات أجهزة الأمن الإسرائيلية وقد تفوقها.

وحدها السلطة الفلسطينية أدانت القمع الذي تستخدمه حماس ضد الفلسطينيين في غزة، ولأنها لا تستطيع أن تمنعه لم تجد بيدها سوى أن تطلب من دول عربية التدخل بالضغط على حماس «لوقف إجراءاتها القمعية ضد المواطنين الأبرياء الذين يطالبون بالعيش الكريم وإلغاء الضرائب غير القانونية»... وحمّلت حماس المسؤولية القانونية عن قمع الفلسطينيين.

ما حدث في الأيام الماضية ولايزال هو أن حركة حماس «الإسلامية» والتي تعتبر نفسها المناضل الفلسطيني الأوحد مارست «سياسة القهر والخنق والتنكيل بأبناء الشعب الفلسطيني المكبلين بقيود الفصل والانعزال الذي تفرضه على قطاع غزة» كما قال وزير العدل الفلسطيني، علي أبو دياك، الذي أضاف في بيان أن «حماس قررت التخلي عن القدس، والانقلاب على مشروع الدولة الفلسطينية الواحدة الموحدة، والانفصال عن الوطن، وتقسيم الشعب، وإقامة إمارتها الإخوانية الظلامية في قطاع غزة منذ انقلابها على الشرعية والقانون واستيلائها بالقوة على مؤسسات السلطة الوطنية في الرابع عشر من يونيو 2007» وأنها «وأدت كل مبادرات استعادة الوحدة وإنهاء الانقسام، وتمترست خلف راية حكمها الأخرق وأصرت على مواصلة انقلابها وخروجها عن القانون، وأحكمت قبضتها بالقوة والقمع على غزة، ومنعت حكومة الوفاق الوطني منذ تشكيلها في الثاني من يونيو 2014 من بسط ولايتها القانونية وتسلم مهامها في قطاع غزة، حتى وصلت بها إلى طريق مسدود وأوصدت أمامها كل الأبواب».

ما فعلته حماس بأسلوبها القمعي هو أنها أعانت إسرائيل على الشعب الفلسطيني وقامت بقمع الفلسطينيين بالنيابة عنها، تماماً مثلما أعانتها على تقسيم الفلسطينيين عند استيلائها على غزة.

إن خبراً ملخصه أن «الأجهزة الأمنية التابعة لحركة «حماس» هاجمات بالقوة المفرطة مجدداً، مظاهرات ضد الغلاء في مناطق مختلفة من قطاع غزة» وصمة عار لن يجد الإخوان المسلمون في تركيا وقطر وكل مكان طريقة لمحوها أو حتى التغطية عليها، فحماس التي طرحت نفسها منقذاً للشعب الفلسطيني وتخليصه من آلامه وعذاباته تطلق النار على المتظاهرين الفلسطينيين الذين خرجوا للتعبير عن عدم رضاهم وتعتقلهم وتضربهم وتسحلهم وتكسر عظامهم.