يبدي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تذمره من كل حليف يشتري السلاح أو يقترب من غير أمريكا، لكنه في الوقت نفسه لا يتردد في الانسحاب من التزاماته الدولية في سوريا ويقرر الانسحاب بناء على حسابات مصلحة صرفة. وقبل أسبوعين اقتربت موسكو من الرياض لتداول ثلاثة أمور رئيسة تتمثل في الانسحاب الأمريكي من سوريا، والغارات الإسرائيلية على سوريا، ولجم إيران في سوريا. التطور الجديد في العلاقات السعودية الروسية تمثل في الزيارة التي قام بها رئيس جهاز المخابرات العامة الروسي سيرجي ناريشكين للسعودية، وعن سبب الزيارة المعلن، أن موسكو تحتاج إلى تحديث معطياتها المتعلقة بالشأن السوري من خلال التداول مع القيادة السعودية. والصحيح أن من مصلحة روسيا الاستفادة من الشقوق بين واشنطن وحلفائها، في محاولة لتصوير موسكو كوسيط في المنطقة. كما أن مصلحة روسيا تفادي أي تصعيد للوضع يؤدي إلى مواجهة شاملة بين إيران وإسرائيل أو صراع بين إيران والمعارضة، فالمسؤول الأمني الروسي طلب من السعودية لعب دور في مجال التهدئة في سوريا، فبوتين يدرك أن السعودية، بما تملكه من نفوذ عربي، تملك مفتاح نجاح أية تسوية قد ترعاها موسكو مقابل أن تقوم موسكو بكلّ ما تستطيع عليه من أجل ضبط إيران أو إجبارها على ضبط النفس بعد الغارات الإسرائيلية الأخيرة.

الزيارة التي قام بها رئيس جهاز المخابرات العامة الروسي سيرجي ناريشكين للمملكة العربية السعودية تشكل مصلحة سعودية أيضاً، ففيها تعد روسيا السعودية بكبح جماح إيران في سوريا ومنعها من بناء نفوذ دائم هناك، وهي تقوم كما قال كبير الجواسيس الروس بممارسة ضغوط شديدة كي تمتنع إيران عن أي ردّ على الغارات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت مواقع تابعة لها في الأراضي السورية. وأشارت إلى أن روسيا أكدت للسعودية رغبتها في إيجاد حلّ سياسي في سوريا وفي العمل على تقليص حجم الوجود الإيراني فيها، كما أكد رئيس جهاز المخابرات العامة الروسي أن الهدف الروسي من زيارة ناريشكين يتلخص في التأكيد أن لا حلف روسي–إيراني في سوريا. مما لا شك فيه أن روسيا تقول ذلك بعد تشكل واقع جديد بعد الانسحاب الأمريكي يدفع باتجاه تنسيق أعلى بين موسكو والرياض لوحدة سوريا وربما فرص إعادة الإعمار.

لقد كانت عودة روسيا إلى مصاف القوى الكبرى من الأهداف القليلة التي أعلنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، واستطاع بوتين أن يضع بلاده كلاعب رئيسي في الأزمة السورية ثم المؤتمرات الروسية لحل الأزمة السورية سلمياً كنتاج للضغط الروسي على المجتمع الدولي، وفرض شروطها التي تمكنت من استمرار حليفه بشار الأسد في الحكم حتى الآن.

* اختلاج النبض:

نريد تصديق أن روسيا ستلجم إيران في سوريا، لكنها «قوية، قوية» على التصديق.