- رفضنا المساس بعلاوة الغلاء وبدل السكن وقانون التقاعد الحكومي

- نتفق مع ضرورة معالجة المخالفات المالية بتقرير الرقابة المالية بمزيدٍ من الحراك البرلماني الفاعل

- يجب أن يواصل مجلس النواب القادم الجهود للحفاظ على الدعم المالي لذوي الدخل المحدود

- هجوم بعض المرشّحين على "النيابي" دليل ضعف وإفلاس وأنصحهم بالتركيز على برامجهم الانتخابية

...

أكّد النائب عادل بن حميد عضو اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس النواب وعضو لجنة حقوق الإنسان، أن مجلس النواب الحالي بذل جهوداً كبيرة جداً من أجل الحفاظ على المكتسبات المعيشية للمواطنين وفي مقدمتها الحفاظ على علاوة الغلاء وبدل السكن ورفض قانون التقاعد، معتبراً أن ذلك يمثّل إنجازاً كبيراً في ظل الظروف والأوضاع الاقتصادية الحرجة التي مرّت بها المملكة خلال السنوات الماضية في ضوء تهاوي أسعار النفط.

ودعا بن حميد في حوار مع "الوطن" إلى عدم مقارنة المجلس الحالي الذي جاء في ظروف اقتصادية حرجة، بالمجالس النيابية السابقة التي جاءت في مرحلة اقتصادية اتسمّت بوجود وفرة مالية وفائض سنوي في الميزانية في ضوء ارتفاع أسعار النفط محذراً من المزايدات الرخيصة والشعارات المثالية البعيدة عن الواقع، ومؤكداً أن الوضع الاقتصادي للمملكة يتطلب تضافر الجهود لمعالجات حكيمة وعقلانية، تعمل على توفير خطّة استراتيجية بعيدة المدى لتنويع مصادر الدخل.

نص الحوار:

لنبدأ من حيث الانتقادات الكبيرة التي تُوجّه لمجلس النواب الحالي بأنه فرّط في المكتسبات المعيشية للمواطنين ولم يحافظ عليها، ما رأيك؟

مجلس النواب الحالي، وهذه شهادة للتاريخ، بذل كل جهده للوقوف مع المواطنين. والكثير ممّا يقال عن المجلس هي مزايدات رخيصة. ويجب قبل أن نقيّم أداء المجلس الحالي، أن نضعه في الظروف الاقتصادية الحرجة التي تمرّ بها البحرين، ولا يصحّ أن نقارن أداء المجلس الحالي بأداء المجالس السابقة التي جاءت في مرحلة كانت فيها أسعار النفط مرتفعة تجاوز فيها سعر البرميل 130 دولاراً، وكانت هناك وفرة وفائض سنوي في الميزانية، في حين أننا بمجرّد أن بدأنا فصلنا التشريعي شهدنا تهاوي أسعار النفط إلى أقل من 30 دولاراً. وفي ضوء هذه الظروف الحرجة، لا يمكن عملياً أن تقدّم مشروعات أو مقترحات فيها امتيازات مالية جديدة للمواطنين على غرار ما حصل في المجالس السابقة، ومن يقول غير ذلك فهو يبيع الأوهام للناس. لقد كان كلّ همّنا هو أن نحافظ على المكتسبات المعيشية للمواطنين. وكانت هناك محاولات للحكومة للتقليل من تلك المكتسبات، ولكن كانت هناك وقفة كبيرة من النواب.

أنت تقول أنكم حافظتم على المكتسبات المعيشية للمواطنين، ولكن في الحقيقة ما شاهدناه هو تراجع مستوى المعيشة من خلال بعض القرارات، مثل رفع سعر البنزين، ورفع رسوم الكثير من الخدمات الحكومية؟

دستورياً، قرار رفع سعر البنزين في يد الحكومة. وجميع قرارات رفع الرسوم الحكومية بيد الحكومة. هذا الأمر دستوري وقانوني ولا نستطيع تغييره في يوم وليلة. وأي أحد يدخل مجلس النواب يلاحظ بأن الدورة التشريعية لتعديل أو تغيير أي قانون تستغرق وقتاً طويلاً يمتدّ لسنوات. وما أريد أن أقوله بأن ما قمنا به، هو أننا حاولنا تقديم مقترحات لإجراء تعديل على القوانين الحالية، بحيث يتم تقييد سلطة الحكومة في رفع الرسوم. نحن من حيث المبدأ رفضنا رفع الرسوم، ولكن وفق الدستور فإن ما قامت به الحكومة دستوري. كان هناك رفض واسع جداً من قبل النواب، ولكن الحكومة لم تستمع لأصوات النواب مع الأسف. لذلك، كان خيارنا هو أن نجري تعديلات على القوانين لتحدّ من سلطة الحكومة في رفع الرسوم بحيث لا تستطيع أن تنفرد بهذا القرار، ولكي لا يتكّرر ما حصل في موضوع رفع سعر البنزين أو غيره. أما المكتسبات المعيشية التي حافظنا عليها، فقد كانت هناك محاولات للمساس بعلاوة الغلاء وبدل السكن، كما أحالت الحكومة قانوناً سيئاً عن التقاعد بصفة الاستعجال، وقد رفض المجلس كل تلك المحاولات، وصوّت بالإجماع ضدّ قانون التقاعد.

وماذا عن ضريبة القيمة المضافة؟ ألم يقرّ المجلس هذه الضريبة رغم الرفض الشعبي؟

هذا الموضوع من أكثر الموضوعات التي أصبحت عرضة للمزايدة والطعن في النواب. أعتقد أن الجميع يعرف بأن القانون جاء في إطار اتفاقية خليجية، وجميع دول مجلس التعاون سوف تطبّقها، بل إن بعض الدول بدأت بتطبيقها كالسعودية والإمارات، فهل تستطيع البحرين أن تتخلّف عن تنفيذها؟!. البعض يقول لماذا لم يتم التأجيل، وأقول له أن التأجيل لن يعني أي شيء، فالتطبيق قادم، كما أن البحرين ملتزمة ببرنامج التوازن المالي والذي يوفّر دعماً خليجياً بمقدار 10 مليارات دولار والذي ينصّ على قيام الحكومة بتطبيق الضريبة المضافة، فلماذا تزايدون علينا. ومن جانب آخر نحن لم نوافق على القانون إلاّ بعد أن ضمنّا أن هناك استثناءات للسلع الغذائية الأساسية وللقطاعات المهمة من تطبيق الضريبة، فهناك 97 سلعة غذائية معفاة من الضريبة ولن تطبق عليها. أنا أنصح أي مرشّح يحاول أن يستغلّ هذا الموضوع أو غيره من المزايدات الرخيصة بالتركيز على طرح برنامج انتخابي واقعي وعملي وقابل للتطبيق بدل الضرب في مجلس النواب، لأن الهجوم على المجلس دليل إفلاس وضعف، وليس دليل قوّة.

ولكن البعض يقول إنه كان من الأولى معالجة الهدر المالي في الوزارات والهيئات الحكومية بدل أن تأخذ من جيب المواطنين، خصوصاً وأن تقارير ديوان الرقابة المالية تثبت ضياع الملايين سنوياً بسبب هذه الهدر؟

نحن نتفق مع موضوع ضرورة معالجة الهدر المالي في الوزارات والهيئات الحكومية بسبب الكثير من المخالفات المالية والإدارية والتي يوثق بعضها ديوان الرقابة المالية والإدارية. نحن في مجلس النواب كان لنا الكثير من التحركات لمتابعة تقرير ديوان الرقابة المالية، وربمّا بعض التحرّكات لا ترقى للمطلوب، ولكن هناك متابعة واستخدام للأدوات الرقابية كالسؤال البرلماني ولجان التحقيق وغيرها، وعملياً، فإن هناك تراجع في المخالفات المالية والإدارية خلال السنوات الماضية. فقبل حوالي 10 سنوات، كانت المخالفات المالية التي يرصدها ديوان الرقابة أكثر والأموال الضائعة أكبر بكثير وربما تصل إلى عشرات الملايين من الدنانير، أما الآن وبسبب الرقابة المتواصلة سواء من مجلس النواب أو الحكومة نفسها من خلال متابعة توصيات ديوان الرقابة، فإن تلك المخالفات تراجعت، ولا أقول بأنها انتهت. وما أريد الإشارة إليه، بأنه هناك ربط مبالغ فيه بين موضوع مخالفات ديوان الرقابة، وبين العجز المالي الكبير جداً الذي تعاني منه المملكة، لأن العجز المالي السنوي في ميزانية الدولة أكبر بكثير من الأموال المهدرة في المخالفات، والتي تتطلّب علاجاً ومتابعة ومحاسبة. ولكننا، حتى لو افترضنا بأننا عالجنا كافّة جوانب الهدر المالي في الوزارات والجهات، فإن ذلك لن يوفّر لنا سوى بضع ملايين من الدنانير في الوقت الحالي، في حين أن العجز المالي السنوي في الميزانية يتجاوز المليار دينار، لذلك، فإن من يسعى إلى تبسيط المسألة بالقول بأن معالجة المخالفات المالية في الوزارات سوف تحلّ أزمة العجز المالي في الميزانية إنما يضحك على عقول الناس ويستغفلهم. وأنا هنا لا أريد التقليل من موضوع المخالفات المالية، وفي نفس الوقت أرفض تضخيم الموضوع بهذه الطريقة الساذجة. أنا مع المحاسبة الصارمة لكل من يثبت مخالفته للقانون، ونحن في المجلس طالبنا بإحالة من يثبت تورطه بالفساد في تقرير ديوان الرقابة المالية إلى النيابة العامة لتأخذ العدالة مجراها، فنحن في مجلس النواب ليس من صلاحياتنا محاكمة الأشخاص، نحن فقط نحاسب سياسياً الوزير المسؤول، أما إذا كانت هناك شبهة جنائية فمكانها المحاكم.

ما هي إذن تصوراتكم حول الوضع الاقتصادي في المملكة وكيفية معالجة العجز الحاصل في الدولة؟

أعتقد، أن الحل يكمن في عدّة خطوات وإجراءات. ونحن حاولنا الدفع ببعضها في الفصل التشريعي الحالي، منها إجراءات آنية، وأخرى على المدى البعيد. فما نحتاجه على المدى البعيد هو خطّة استراتيجية لتنويع مصادر الدخل تقوم على الاستفادة من أرباح الشركات التابعة لممتلكات وفوائض بعض الصناديق كصندوق التعطّل أو غيرها في إنشاء مشاريع صناعية كبيرة في المملكة على غرار المصانع التي تم إنشاؤها في القرن الماضي كمصنع شركة ألمنيوم البحرين ألبا، بحيث تكون هذه المشاريع رافداً جديداً لإيرادات الميزانية. وآنياً، اقترحنا زيادة مساهمة شركة ممتلكات في ميزانية الدولة، وخفض مصروفات بعض الأجهزة الحكومية. كما أننا نعتقد أن برنامج التوازن المالي الذي دشّنته المملكة بالتعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي هو برنامج جيّد ويتطلب من السلطة التشريعية في المرحلة القادمة مراقبة تنفيذه.

كلمة أخيرة..

أعتقد أن الوضع الاقتصادي الذي تمرّ به المملكة يتطلب تضافر كل الجهود من أجل معالجته بحكمة وعقلانية وحذر شديد، بعيداً عن الشعارات الزائفة. كما أؤكّد -في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة-، بضرورة العمل الوطني الجاد والمسؤول من أجل الحفاظ على المكتسبات المعيشية للمواطنين، وخصوصاً أوضاع ذوي الدخل المحدود والشرائح المتوسطة. فالدعم المالي يجب أن يتواصل، ويجب أن يواصل مجلس النواب جهوده برفض أيّة محاولات للمساس بالدعم المالي المقدم لذوي الدخل المحدود، وأن يستكمل ما عمل عليه المجلس الحالي من محاولات لتقييد سلطة الحكومة في فرض الرسوم تمهيداً لتقليل الرسوم الحكومية التي تمّ زيادتها في السنوات الأخيرة.