في الوقت الحالي تخفت الأضواء على ترامب في الإعلام الأمريكي بينما يتم التركيز على بيرت كافانو مرشحه للمجلس الأعلى للقضاء. ويعتبر تعيين كافانو معركة مصيرية بين الجمهوريين والديمقراطيين لأن تعيينه سيرجح كفة المحافظين في المجلس. وبينما التعيين يقوم به الرئيس والإدارة فتأكيد التعيين منوط بالكونغرس. وعادة تقوم لجنة من أعضاء الكونغرس المختصين بالموافقة على التعيين قبل أن يتم التصويت بمجلس الشيوخ. وتصويت مجلس الشيوخ هو عادة عملية روتينية لأن التصويت المهم هو تصويت اللجنة. واليوم يواجه كافانو اتهامات بالتحرش الجنسي تعود لأكثر من ثلاثة عقود مضت وترجع للوقت الذي كان فيه في الثانوية العامة.. وفيه تتهم د.كريستين بلازي فورد وهي أكاديمية من كاليفورنيا بأن كافانو وتحت تأثير الكحول قام بمحاولة اغتصابها في إحدى الحفلات حين كان كل منهما في الثانوية العامة، وكان عمرها وقتها 15 عاماً بينما كان كافانو يبلغ من العمر 17 عاماً. واليوم مهما كانت نتيجة التصويت فالجمهوريون هم الخاسرون، فإن لم تتم الموافقة على تعيين كافانو فسيغلب صوت الديمقراطيين على المجلس الأعلى للقضاء، ولذلك أهمية قصوى بالنسبة لتحقيق مولر. والتحقيق ينظر بأمرين أولهما كون حملة ترامب متواطئة مع الروس والأمر الآخر هو عرقلة سير العدالة، والطعن بالتحقيق يتم عادة من خلال مجلس القضاء الأعلى. أما في حال تم تأكيد تعيين كافانو فالجمهوريون سيخسرون أيضاً، وذلك لأن الديمقراطيين سيصورونهم بأنهم لا يحترمون النساء وأنهم يتساهلون مع مسائل التحرش الجنسي. ومن الجدير بالذكر أن أكثر من نصف الناخبين في الولايات المتحدة هم من النساء، كما أن الديمقراطيين يستطيعون الاستدلال بترامب الذي واجه عدة اتهامات بالتحرش من نساء خلال حملته الانتخابية، كما هناك شريط «هوليوود اكسس» الشهير الذي سجل خلسة عن ترامب والذي يجاهر فيه بالتحرش بالنساء، وبالإضافة لمسألة خسارة الجمهوريين في الحالتين هناك مسألة أخرى مهمة تواجه أمريكا. فمن جهة التحرش أمر غير مقبول، فبالإضافة لكونه أمر غير أخلاقي فهو يعتبر عدم احترام لحقوق المرأة. ولكن من جهة أخرى فلا يمكن اتهام شخص دون تقديم أدلة قاطعة، وهذا ما قاله كافانو في دفاعه عن نفسه واعتبر قبول شهادة د.فورد دون أن يكون لديها أدلة قاطعة ضده «عاراً وطنياً»، فلا يمكن تحطيم الحياة العملية والشخصية لشخص بناء على ادعاءات. والآن قبل أن يتم التصويت في مجلس الشيوخ على تعيين كافانو حولت المسألة على مكتب التحقيقات الفيدرالي للتأكد إن كانت شهادة د.فورد صحيحة وإن تم اللقاء بين كافانو وفورد في اليوم وفي المنزل الذي قالت عنهما فورد. واليوم أمريكا أمام خيار صعب فهل تصدق امرأة وتقوم بتدمير حياة رجل قد يكون بريئاً؟ أم تصادق على تعيين شخص هو متحرش جنسياً ويذهب حق المجني عليها سدى. والإثبات إن كان لجهة كافانو أو فورد هو صعب نظراً لأن «الحادثة المفترضة قد حصلت منذ ستة وثلاثين عاماً» مضت. فيا ترى من يجب أن تصدق أمريكا؟