تهتم وكالات الأنباء العالمية بتحليل أرقام عدد زوار مونديال كأس العالم، وتفرد صفحات كثيرة لتتحدث عن اهتمام الدول المستضيفة لهذه الفعالية وغيرها من الفعاليات المشابهه لها، وتتحدث وكالات الأنباء العالمية عن البنية التحتية الضخمة التي يجب أن تمتلكها هذه الدول المستضيفة بالإضافة إلى «التحكم الأمني» والسيطرة على أماكن تواجد الزوار. وتتفنن الدول المستضيفة في «فرد عضلاتها» وهي تتحدث عن قدرتها وجاهزيتها لاستضافة «مونديال عالمي» أو «فعالية عالمية» تضم عدداً كبيراً من الزوار.

بينما تستضيف المملكة العربية السعودية حشوداً وأفواجاً بالملايين بشكل سنوي، وسط هدوء عقلاني يجعلني أكثر إيماناً بحقيقة الحكمة القائلة «دع أفعالك تتحدث عنك».

في كل عام أقف مشدوهة من آلية تنظيم «فريضة الحج»، فنحن نتحدث هنا عن معطيات رئيسة وهي: أعداد كبيرة للحجيج تقدر بالملايين، بالإضافة إلى رقعة جغرافية معينة تتم فيها شعائر الحج، ولا نغفل الاختلافات اللغوية والثقافية للحجيج، بالإضافة إلى أهمية تقديم خدمات «لائقة» بضيوف بيت الرحمن.. بالإضافة إلى محدودية الزمان فالوقت والشعائر مرتبطة بحيز مكاني ووقتي، يستوجب معه وجود شبكة مواصلات وبنية تحيتية قادرة على تحمل الإعداد الكبيرة لضيوف بيت الله.

لا أبالغ مطلقاً إذا ما قلت أن قدرة السعودية على تنظيم الحج سنوياً بنجاح يعطيها الحق بأن تكون الرائدة في نقل هذه التجربة لأي دولة تريد أن تستفيد من المعايير الفعالة في تنظيم الفعاليات الكبيرة جداً.

وكم أتمنى أن يتم عمل بحوث علمية معمقة للاستفادة من الخبرات المكتسبة من التنظيم السنوي لفريضة الحج، على سبيل الاستفادة من إدارة الأزمات في مثل هذا النوع من التنسيق الذي يتطلب سيطرة وتحكماً أمنياً شاملاً، بالإضافة إلى الصناعات والابتكارات التي تتطلبها مثل هذه الفريضة. فالمجال خصب وثري لكل المهتمين في مجال الإدارة والأمن والابتكار، وكم أتمنى أن يهتم الأكاديميون بدراسة فريضة الحج ليس في المجال الديني وحسب، بل دراسته من جوانب اقتصادية وأمنية وإدارية من شأنها أن تجعلنا نستفيد استفادة قصوى مما تقوم به المملكة العربية السعودية من جهود في هذا الجانب.

نجاح ساحق للحج يتكرر بصفة سنوية، يجعلنا نمتن ونشكر المملكة العربية السعودية على جهودها الجبارة في خدمة بيت الله الحرام وضيوفه.