في البحرين هناك خبر يقول إنه «تم إلغاء كل تراخيص استيراد الخضراوات والفاكهة من ولاية كيرلا الهندية التي صدرت من الزراعة، كإجراء احترازي للتصدي لفيروس «نيباه» القاتل، وإن هناك تنسيقاً مستمراً مع شؤون الجمارك بشأن إجراءات الحجر الزراعي، كما أنه تم التواصل مع الشركات البحرينية المستوردة للخضراوات والفواكه من دولة الهند والبالغة 71 شركة، وإبلاغهم بقرار حظر الاستيراد من كيرلا».
هذا الخبر وغيره من الأخبار التي ترشدنا للحيلولة دون التعامل مع المواد الزراعية أو الغذائية الخطيرة أو الموبوءة المستوردة هي بحد ذاتها أخبار مؤدَّاها في غاية الخطورة. فلكم أن تتخيلوا البحرين كبلد مستورد للزراعة بشكل أساسي وكبير من دول زراعية شتى ومن مختلف أنحاء العالم لو تم منع دخول الفواكه والخضروات إليها بسبب تلوث أو وباء أو مرض أو لأي سبب كان، فما عسى أن يكون وضعها الغذائي بعد ذلك؟
قبل نحو عشرة أعوام كتبنا هنا على ضرورة الاهتمام بالأمن الغذائي لمملكة البحرين ولكل الدول العربية. هذه الرؤية الإستراتيجة قد تجنبنا كوارث غذائية محتملة لو تعرضنا لأي نوع من أنواع المنع لاستيراد المواد والأطعمة الزراعية إلى وطننا كما حصل مؤخراً حين منعت الدولة دخول كل المنتجات الزراعية من ولاية «كيرلا» الهندية بعد تعرض الولاية لأخطر أمراض العصر ألا وهو مرض «نيباه». إن فكرة تأمين الغذاء لأي وطن كان، هي فكرة جوهرية وليس فكرة عرضية، وليس هنالك أفضل من فكرة زراعة الأرض واعتمادنا على الزراعة المحلية بشكل كبير، خاصة أن البحرين كانت تعتبر من الدول الزراعية المهمة في المنطقة قبل النفط وقبل تجريف الأراضي الزراعية وقبل الدفان وقبل انصراف الإنسان البحريني عن الزراعة بشكل كامل.
إن خبر إلغاء كل تراخيص استيراد الخضراوات والفاكهة من ولاية كيرلا الهندية يعطينا انطباعاً في غاية الأهمية أن لا خيار للبحرين سوى الرجوع لاستراتيجياتها القديمة التي كانت ما قبل النفط، حين كنا نزرع الأرض بأيدينا ونأكل من خيراتها دون الحاجة لاستيراد الخضرة من وراء القارات كما هو حاصل اليوم، وهذا الأمر يحتاج إلى النهوض بالزراعة من خلال تشجيعها ودعمها وتمويلها والاهتمام بها بشكل أكبر.
اليوم هناك مبادرات واضحة من صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة رئيسة المجلس الاستشاري للمبادرة الوطنية لتنمية القطاع الزراعي بخصوص تطوير هذا الملف والاهتمام به وذلك حين دعت «إلى الاهتمام بسلامة الغذاء وصحة الإنسان من خلال الإنتاج السليم الذي يضمن تقديم منتجات زراعية آمنة وذات جودة عالية، وتجنب الممارسات الزراعية التي من الممكن أن تؤثر بشكل أو بآخر على الصحة العامة للإنسان، كما دعت سموها أيضاً إلى دعم الأنشطة والبرامج الخاصة لرفع مساهمات القطاع في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بما يدعم الاقتصاد الوطني». لا خيار أمام البحرين سوى إحياء الزراعة وتبني الإستراتيجيات بعيدة المدى التي دعت إليها صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة في أكثر من محفل لتعزيز الأمن الغذائي عبر التأكيد على أهمية إحياء ودعم الزراعة الوطنية بكل أشكالها وصنوفها لتوفير الأمن الغذائي لأجيالنا القادمة.