في الانتخابات العراقية العامة التي انعقدت في 12 من الشهر الجاري، حقق التيار الصدري المرتبة الأولى وأجرى مشاورات ببغداد، وعاد لمقره في الكوفة بمدينة النجف العراقية، وينتظر المتابعون عرض التيار الصدري لحصيلة مشاوراته على المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، والسؤال الذي بات يطرح نفسه في هذا السياق، هل سيحتمي الصدر بالسيستاني لمواجهة خطط إيران؟! باعتقادي فإن الإجابة عن هذا السؤال «نعم»، سيحتمي الصدر بالمرجعية في محاولة لقطع الطريق على محاولات إيران الساعية لعرقلة تحركاته في تشكيل حكومة عراقية عروبية لا تنصاع لإيران أو تتبعها. لكن يبدو لي أيضاً أن هذا لن يحقق له الحماية اللازمة من ألاعيب طهران وسياساتها، فالمرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني غير قادر على حمايته أصلاً، لا سيما وأن قاسم سليماني يحوم في بغداد لتحشيد أغلبية في البرلمان القادم تبطل فوز قائمة الصدر في الانتخابات. ولربما من الأفضل حسب تقديرنا لو يترك الأمر بيد السيستاني بدلاً من الصدر ليلاعب الإيرانيين وأتباعهم نظير أن يكون زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر مرجعاً شيعياً أعلى في العراق بعد السيستاني.

وإننا إذ نغيب من حديثنا هذا قوى فاعلة أخرى في المشهد العراقي ونأتي على ذكر السيستاني ودوره الداعم المرتقب للصدر، فإن ذلك مبنياً على استقبال الصدر لأهم الساسة والزعماء العراقيين على رأسهم زعيم تحالف «النصر» رئيس الوزراء حيدر العبادي، وزعيم تحالف «الفتح» المدعوم من إيران هادي العامري، وزعيم القائمة الوطنية إياد علاوي، وزعيم تحالف القرار أسامة النجيفي، إلى جانب ثلاثة وفود أخرى ممثلة للقوى الكردية الرئيسية، غير أن ذلك لم يفضي إلى ما يرنو إليه ما دعاه لطلب «الفزعة» من السيستاني. لكن مما يجدر التنبه له هنا أن الصدر لم يكتف بالزعماء والسياسيين وحدهم، فقد شاور المرجعية العليا والعشائر العراقية والطبقات الاجتماعية الكبيرة، الأمر الذي برره بالحاجة إلى الحماية من مراكز الثقل الأساسية في المجتمع العراقي في مواجهة الضغوط الإيرانية المتزايدة، لكن في حقيقة الأمر يتمثل كسبه الأكبر بنجاحه في التقرب من هذه الكتل، ما يعني قبوله لمنصب المرجع الأعلى ولو بعد حين، لوطنيته العالية المتمثلة في مشاورة الجميع. أما خليجياً، فلطالما دعونا لاستعادة المرجعية الشيعية العربية ومركزها العراق، لذا فإننا سنبارك تلك العودة للمرجعية العروبية، التي نراها الكفة الأخرى الموازنة للولي الفقيه في طهران، وبقدر ما ستحظى المرجعية العربية من ثقل سيكون الكسب للعرب أجمعين.

* اختلاج النبض:

في عام 2014 تدخلت المرجعية لكبح جماح نوري المالكي في ولاية ثالثة، ما يعني أن المرجعية هي المسيطرة على القرار في العراق، بل أنها أقوى من منصب رئيس الوزراء غير المحصن من الشعب عقائدياً، لذا نرى أن على السيد مقتدى الصدر المساومة على ذلك المنصب كخطة مساندة لتشكيل الحكومة القادمة من قبل التيار الصدري.