سكينة النفس (6)

بقلم: بدر علي قمبر

ألم نشرح لك صدرك

يتعرض المرض في مسير حياته إلى العديد من الصعوبات والعراقيل والفتن والابتلاءات، وهو منهج المولى الكريم في ابتلاء الإنسان في خلافته في هذه الأرض، فحياة العطاء والخير تكون مبرمجة بحياة يسر وفرح، وأحياناً بشدة وضيق وألم، ليكون المقصد في نهاية المطاف جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين.. فهي حياة تمحيص واختبار حتى يحجز المرء مقعده الأبدي في الفردوس الأعلى ولا يرضى عنه بديلا.. قال تعالى: "أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم، مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب" (البقرة: 214).

والنبي صلى الله عليه وسلم هو أشد من ابتلي في دعوته فصبر وسار على طريق الخير من أجل رسم منهج حياة للبشرية جمعاء، فكانت أمته هي الأولى في تنفيذ هذا المنهج لأنه آخر المناهج وآخر الرسالات.. لذا تأتي هذه الآية "ألم نشرح لك صدرك" لتكون سلوى للنبي صلى الله عليه وسلم في طريق دعوته بعد أن قاسى الكثير وبخاصة في رحلة الطائف.. فما أروع أن تسكن نفس المؤمن وترتاح كلما توترت أو انتابها القلق مع أحوال الحياة، متذكرة هذه الآية الجميلة "ألم نشرح لك صدرك".. نشرح لك صدرك بالطمأنينة والسكينة والاستقرار، فلا ضيق فيه ولا ألم ولا ظلمة، لأنه مع الله تعالى في كل حين..

تذكر أمام مضائق الحياة دعوة موسى عليه السلام: "رب الشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي" (طه: 25 ـ 28) فالدعاء له سكينة جميلة في النفس، وتقوى نفسك عندما تسأله أن يشرح صدرك كلما وقعت في ضيق، أو كنت مقبلاً على أمر جلل أو طريق عسير أو تكليف حياتي تبتغي من ورائه رضا المولى الكريم.. فكما قيل في تفسير هذه الآية: "أي وسعه بالنور والإيمان والحكمة، حتى أتحمل الأذى بكل أنواعه القولي والفعلي؛ فإن انشراح الصدر يحول مشقة التكليف إلى راحة ونعيم ويسر".

لمحة:

اللهم ارزقني الحكمة في القول والفعل، واشرح صدري بفيض الإيمان بك وجميل التوكل عليك، وارزقني السكينة حتى أقضي حياتي في عطاء لا يشوبه الكدر.

***---***

أحمد