في كثير من الأحيان تجد نفسك أمام مصادمات حياتية كثيرة سواء في مواقع العمل أو مع الأصدقاء أو في الحياة عموماً.. هذه المصادمات لم تصنعها بنفسك، إنما جاءت وفقاً لأهواء البشر وتفكيرهم الذي يخالف تفكيرك، الأمر الذي يجعلك عرضة للوقوف بقوة أمامها ليس من أجل الانتصار لنفسك، وإنما الانتصار للحق الذي عشت من أجله وكنت ومازلت ثابتاً على المبادئ التي غرست في نفسك منذ سنوات الطفولة الأولى.. وبين هذا وذاك تجد نفسك في حيرة بأن تسارع يدك لتلمس أوجاع الآخرين لكي تضمد جراحها وتسكنها بمراهم الأمل.. أو أن تظل متأملاً صامتاً رافعاً شعار "فليقل خيراً أو ليصمت" حتى لا تخسر كل شيء، فتجد نفسك فيما بعد حبيساً لآلام النفس المريبة..
الأمر ببساطة بحاجة ماسة أن تذكر نفسك بكلمة واحدة جميلة تبعث الراحة والطمأنينة في قلبك.. "السكينة".. متذكراً وصية النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة في حجة الوداع: "السكينة السكينة.. عليكم بالسكينة". فلم تكن هذه الوصية خاصة في ذلك الموقف آمرا الصحبة بعد التسرع والتدافع في مسيرهم.. بل هي وصية للحياة عامة.. كمطلب حياتي ملح لحفظ النفس من الانزلاق في أوحال الغضب والتوتر والقلق والضيق النفسي والاضطراب، والالتزام بالراحة النفسية والسكينة في كل مسالك الحياة..
فإذا وجدت من يريد إثارتك ولفت الانتباه لموضوعات تقلق أصلاً، أو يتصيد معايب في سلوكك، أو ينتقد نجاحاتك، أو يقف حجر عثرة في طريق كل مشروع تطرحه أو فكرة تتبناها.. حينها لا تلتفت إطلاقا لتلك التفاهات.. فإنما هي مصائد شيطانية لزعزعة النفس والدخول في متاهات الغضب!! جرب بأن تكون صامتاً هادئاً في سلوكك تتذكر كلمة "السكينة".. حينها سترى الطرف الآخر ينجر إلى طريق مسدود!! أما نفسك فقد غاصت في أعماق السكون النفسي وراحة البال وتذكر الخير.. متذكراً الوصية النبوية الخالدة "لا تغضب".. لأنها تبعث في النفس السكون وتحافظ على الود مع الآخرين وتجعلك تعيش في أجواء روحانية جميلة عنوانها "مع الله".
لمحة:
يقول ابن القيم عن السكينة: "الطمأنينة والوقار والسكون الذي ينزله الله في قلب عبده عند اضطرابه من شدة الخوف فلا ينزعج بعد ذلك؛ لما يرد عليه ويوجب له زيادة الإيمان وقوة اليقين والثبات".