لا شك في أن اسم عبدالفتاح السيسي سيبقى اسماً بارزاً في ذاكرة العالم لما لعبه من دور في أحداث هامة عصفت بالمنطقة العربية خلال السنوات السبع الماضية وألقت بظلالها وآثارها السلبية على العديد من دول العالم التي تأثرت بتبعات ما يُعرف بثورات «الربيع العربي» التي اجتاحت بعض دولنا العربية وخلّفت وراءها الآلاف من اللاجئين والمشردين والقتلى والجرحى فضلاً عن الدمار الذي أصاب المدن والقرى والبنى التحتية وأحالها أثراً من بعد عين، وخراباً من بعد عمران بالإضافة إلى خسائر اقتصادية تفوق الــ 600 مليار دولار.

في أغسطس من عام 2012 برز اسم عبد الفتاح السيسي في وسائل الإعلام حينما تم تعيينه من قبل حزب «الحرية والعدالة» الحاكم في مصر آنذاك – الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين – كوزير للدفاع وقائداً عاماً للقوات المسلحة خلفاً للمشير محمد حسين طنطاوي، حيث عُرف السيسي بالالتزام الديني والهدوء وقلة الكلام، وقدّمه إعلام الحزب الحاكم آنذاك على أنه «وزير دفاع بطعم الثورة»، قبل أن ينقلب عليه ذات الإعلام بعد أحداث ثورة 30 يونيو2013 وانحياز السيسي لها.

عبد الفتاح السيسي، الذي تمت إعادة انتخابه مؤخراً لولاية رئاسية ثانية مدتها 4 سنوات، يعتبر من أكثر الشخصيات القيادية المؤثرة ليس في الداخل المصري فحسب وإنما عربياً وإقليمياً، حيث يراه المؤيدون له بطلاً منقذاً للدولة المصرية من تنظيمٍ سعى إلى السيطرة على مفاصل الدولة وتوجيهها نحو مصالح حزبية لها أجندتها الخاصة إقليمياً ودولياً. ومن هذا المنطلق أصبح عبد الفتاح السيسي المادة الأساسية اليومية لقنوات تلفزيونية ومواقع إلكترونية، خاصة وأن هناك وسائل إعلام سعت إلى شحن النفوس بالكراهية وبث دعوات التحريض والعنف ضمن مخططات تدميرية يجري تدبيرها من بعض الدول الإقليمية بهدف إسقاط الدولة المصرية وأكبر الجيوش العربية، وخلق حالة من الفوضى في أكبر كتلة سكانية عربية.

يظل عبد الفتاح السيسي رقماً صعباً لا يمكن للتاريخ أن يتجاوزه، ولا للواقع أن يتجاهل إنجازاته على الأرض. قدره أن يتولى زمام الأمور في أحد جناحي الأمة العربية في فترة هي الأصعب في تاريخ أمتنا التي تواجه مخططات تهدف إلى تركيعها ونهب خيراتها، وفي ظل تجاذبات إقليمية حادة وأطماع دولية كبرى وانتشار واسع للإرهاب يلتهم الأراضي العربية الواحدة تلو الأخرى. في هذا المشهد المتلاطم الأمواج، استطاع السيسي أن يقود سفينة الدولة المصرية إلى بر الأمان وأن يحافظ على مؤسساتها، وأن يعمل على حل مشاكلها التي خلفتها رياح «الربيع العربي» وأن يسعى إلى تحقيق نهضتها عبر تبنيه للعديد من القرارات الجريئة والشجاعة، والتي لا شك ستؤتي ثمارها قريباً خيراً ونماءً على الشعب المصري الشقيق، وتنفيذه للعديد من الإنجازات والمشاريع القومية التي لا تخطئها العين في الطاقة والكهرباء والزراعة والأمن الغذائي والإسكان والضمان الاجتماعي والطرق والكباري علاوة على بناء وتعزيز العلاقات الدبلوماسية مع الأشقاء والأصدقاء والعمل مع بقية القادة العرب على حلحلة الملفات والمشاكل العربية العالقة من أجل تحقيق الأمن القومي العربي.

هدأت رياح «الربيع العربي»، وسطع نور شمسه بعد ليل مآسيه، وكل أمر المسلم خير، أرجو أن نتعظ من درس «الربيع العربي»، وأن نلملم جراحاتنا ونسمو فوق آلامنا، نعيش واقعنا ونتفاعل معه ونحمد ربنا على ما أصابنا، وأن نزيد من وعينا ونكون أدوات بناء لا معاول هدم، وأن ننظر إلى الوردة دون الاكتراث للشوك فمن يسعى للبناء والتعمير والإنجاز حتما سينتصر على من يجتهد في الخراب والهدم والتحريض، فتلك نفوس ترى الشوك في الورود وتعمى أن ترى الندى فوقها إكليلا، وكما يقولون، فالذي نفسه بغير جمالٍ، لن يرى في الوجود شيئاً جميلا. حفظ الله أمتنا من كل سوء وأصلح بيننا وأسبغ علينا نعمة الأمن والأمان وزادنا الله من فضله خيراً ونماءً و نهضةً.