تابعت كما تابع غيري خبر إلقاء القبض على 116 عنصراً إرهابياً كانوا يستهدفون تنفيذ أعمال إرهابية في وطننا، ونحمد الله على حفظه لبلادنا بعد تمكن الأجهزة الأمنية وفي الوقت المناسب من إحباط تدبيرهم الخبيث، حيث كان ليقظة الأجهزة الأمنية كل الفضل بعد الله تعالى في إفشال مخطط إرهابي كان يراد منه استهداف الأمن والاستقرار والاقتصاد لمملكتنا الحبيبة.
ما شد انتباهي حجم الندم والحسرة التي بانت في الاعترافات التي بثها التلفزيون لتلك العناصر الإرهابية بعد إلقاء القبض عليها، وما تسبب في انجرافهم وراء النظام الإيراني وتوابعه من الحرس الثوري و«حزب الله» و«سرايا الأشتر»، من تعاسة وشقاء ومستقبل مظلم لهم، وتأكيدهم أن تلك التنظيمات الإرهابية ألقت بهم وبكل من ينضم إليها إلى التهلكة والمصير المجهول بمجرد القبض عليهم وكشفهم من قبل الأجهزة الأمنية، ليواجهوا مصيرهم بكل تعاسة ويتركوا من ورائهم أهاليهم وخاصة والديهم على الحسرة وألم الفراق، كما قال أحدهم عن والدته، وآخر قدم النصح للشباب بعدم الانجرار وراء تلك التنظيمات التابعة لإيران، مؤكداً أنه بمجرد القبض عليهم فلن يعبؤوا بهم، وسيتركون هؤلاء الشباب للندم وحدهم ولن تفيدهم إيران وتنظيماتها.
ولكن ربما أكثر ما أتذكره من تلك الاعترافات، ما قاله أحدهم بأن «إيران لو فيها خير لعالجت مشاكل الفقر لديها قبل أن تعالجها عند الآخرين»، متسائلاً بقوله: «منذ متى إيران تحب العرب؟ ومن يذهب لإيران يرى كيف يعاملون العرب هناك».. تلك الجمل البسيطة هي أصدق ما قيل عن النظام الإيراني الذي يرغب بعودة الإمبراطورية الفارسية من خلال السيطرة على دول المنطقة، وبالتعاون مع أذرعها الموجودة بيننا، وهم للأسف من العرب الذين انقادوا وراء إيران تحت الغطاء الديني والمذهبي، وهو المدخل الذي دائماً ما تلج منه إيران إلى من تحاول إغواءهم وتجنيدهم لحسابها.
نعم نحمد الله كثيراً على إحباط ما كان يراد ببلادنا من أعمال إرهابية لا يعلم بمدى ضررها إلا الله، خاصة وأن نوعية وكمية الأسلحة التي كشفت عنها الأجهزة الأمنية كانت ضخمة وكبيرة جداً، وهي التي صفها د.فهد الشليمي العقيد المتقاعد ورئيس المنتدى الخليجي للأمن والسلام في لقائه بالتلفزيون بأنها أسلحة هجومية وليست دفاعية، أي أن يراد بها المبادرة بالهجوم وليس صده، وهو ما قد يلحق ضرراً بالغاً ليس في الممتلكات فقط ولكن في الأرواح أيضاً، تلك الأرواح التي لا يميز الإرهاب بين صغيرها وكبيرها ودينها وطائفتها.
هؤلاء الشباب المقبوض عليهم تركوا لأهاليهم الحسرة عليهم وعلى شبابهم، فضاع مستقبلهم وانتهت حياتهم كما قال أحدهم في تلك الاعترافات، ولكن لا ينفع الندم الآن، وهذه الحسرة درس لمن يحاول أن يحذوا حذوهم، فعليهم الاتعاظ وأخذ العبرة لعدم الاتجاه نحو مسلكهم، ونحن بدورنا نوجه دعوة للشباب البحريني الذين ترعرعوا على هذه الأرض الطيبة، وعاشروا أهلها الطيبين، ولا شك في أن لديهم صفات المواطن البحريني، هؤلاء ندعوهم من كل قلوبنا بألا ينجرفوا وراء المحرضين ضد وطنهم، وألا يصدقوا وعودهم الزائفة، وأمانيهم الخائبة، حتى لا يكون مصيرهم كمصير هؤلاء الذين ألقي القبض عليهم، وآخرين ممن سبقوهم، انطلت عليهم أكاذيب النظام الإيراني وأجهزته الإرهابية، فتركوهم وتخلوا عنهم بمجرد القبض عليهم، وسيحاولون مع آخرين، فهذا النظام -كما كتبنا في مرات عديدة سابقة- لن يكل ولن يمل في سبيل تنفيذ أجندته بشأن البحرين، خاصة مع وجود أذرع لهذا النظام يعيشون بيننا فإن حلم إيران قائم ومستمر.
إذا كان النظام الإيراني مستمراً في عدائنا واستهداف بلادنا، فنحن أيضاً مطالبون بعدم السكوت على ما يرتكبه هذا النظام في حق وطننا وتجنيده لبعض أبنائه لتنفيذ أجنداته الخبيثة، فلا بد من كشف تلك الممارسات أمام المجتمع الدولي وانتهاز أي مناسبة كانت لنقول للعالم إن الإرهاب آتينا من تلك البلاد، نعم مملكتنا تبذل الجهود الكبيرة في تبيان ذلك للعالم، ولكن المطلوب بذل جهود أكبر وعلى كافة الأصعدة والمستويات.