جرت من قبل الكثير من حملات المقاطعة الشعبية لبعض البضائع التي ارتفعت أسعارها دون مبرر منطقي واقتصادي واضحين، ولربما أخذت الكثير من شعوب المنطقة هذا الأسلوب كوسيلة شعبية للضغط على التجار الجشعين من أجل مراعاة ظروف الناس الاقتصادية، فجاءت كلها تحت عنوان «خلوها تخيس». آخر حملات المقاطعة كانت حملة «خلوها تخيس» فيما يتعلق بارتفاع أسعار السمك داخل البحرين، إذ أصبحت أسعار الأسماك عندنا أكبر بكثير من طاقة المواطنين المادية، مما حدا بالبعض إلى إطلاق الحملة الموجهة ضد باعة الأسماك.
في الحقيقة ومن وجهة نظرنا المتواضعة فيما يخص حملات «خلوها تخيس» وبشكل عام دون الدخول في تفاصيلها هو ضرورة أن تكون الحملات مدروسة وواقعية وغير ضارة ببعض المتكسبين البسطاء، وأن تكون حملات المقاطعة نابعة من خلال دراسات حقيقية وعلمية لارتفاع أي منتج في أسواقنا المحلية، أما أن تكون المقاطعة لأجل المقاطعة فهذا أمر مرفوض على الرغم من تفهمنا للظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها الكثير من الأسر البحرينية، فعلى سبيل المثال، سيكون من الصعب على رب أسرة ضعيفة الدخل أن يدفع «لكيلو» بعض أنواع الأسماك مبلغ 7 أو 9 دنانير، خصوصاً إذا كان عدد أفراد الأسرة كبير جداً، وخصوصا كذلك إذا كانت السلعة غير مدعومة كالسمك، ومع ذلك فإننا نطالب بتحري الدقة والموضوعية لكل حملات المقاطعة الشعبية.
فيما يخص الحملة الأخيرة التي تتعلق بأسعار السمك «خلوها تخيس» والتي فشلت فشلاً ذريعاً كان من أهم أسباب فشلها هو عدم موضوعيتها وسوء توقيتها. فشلتْ فقط لأنها لم تكن مدروسة وأنها خرجت من إحدى وسائل التواصل الإجتماعي دون مراعاة التوقيت والظروف وحتى أساس المشكلة، فصارت الحملة عشوائية غير منظمة على الإطلاق، بل استطاع الكثير من باعة الأسماك في مرحلة فشل الحملة أن يبرروا مواقفهم فيما يخص ارتفاع الأسعار حتى كسبوا من خلاله تعاطف الكثير من الناس. نعود لنؤكد أن كل حملة لمشروع المقاطعة والمسماة بـ «خلوها تخيس» لها ظروفها الخاصة، كما أن ارتفاع أي سلعة لها ظروفها الخاصة كذلك، فمن دون مراعاة كل هذه الحيثيات سوف تفشل الحملة.
حين استمعنا للكثير من باعة الأسماك ومن مختلف المناطق تبين أن ارتفاع أسعار السمك كان لأسباب وظروف خاصة ومنطقية في غالب الأحيان وأن لا علاقة لها بالطمع والجشع وغيرها من العناوين التي ألصقت بالحملة كما حاول بعضهم أن يصورها للرأي العام، ولهذا وقبل كل حملة يجب أن تكون المبررات كافية ومقنعة، خاصة إذا كان البائع من الفئة الضعيفة في المجتمع كغالبية باعة الأسماك في أسواقنا الشعبية أو حتى في الطرقات العامة كما يعرف الجميع. ربما نطالب بتنظيم حركة بيع الأسماك في البحرين حتى نستطيع معرفة الأسعار الحقيقية من خلال تسعيرة حكومية متوافق عليها وليس بحسب مزاج البائع، وحين ذاك لن نحتاج لحملات مقاطعة قد تضر ولا تنفع.