لماذا لا تتطور كثير من القطاعات، لماذا لا نرى أحوالها إلى الأفضل، بل نراها تتدهور وتتدمر؟!
ببساطة، لأنها تفتقر للكفاءات القادرة على «التطوير»، تفتقر للأشخاص «الصح».
ولمعرفة الأسباب التي تؤدي إلى هذا «الفقر» في الكفاءات، ينبغي تشخيص حالة هذا القطاع أو ذاك، من «الرأس» إلى «أخمص القدمين»، لأنه في أحيان كثيرة من يكونون في «أخمص القدمين» لهم تأثيرات خطيرة ولا تصدق على قرارات «الرأس» في القطاع.
لماذا يتم تغييب الكفاءات، ولماذا في المقابل تحل محلهم عناصر لا علاقة لها بالتطوير ولا الكفاءة ولا تمتلك الضمير ولا الإحساس بالمسؤولية؟!
«رأس الهرم» في أي قطاع هو المسؤول الأول والأخير، ولا يقبل له أي تبرير إن خرج وقال «لا أدري» و«لا أعرف»، بل أنت المسؤول في تحويل قطاعك لمكان يعج بالعناصر المميزة والكفوءة والمؤهلة، أو أن تحول لـ«مكب» يحوي أضعف العناصر أداء وأفشلها قدرات، وأضعفها مؤهلات.
تتدمر الدول في حراكها التنموي المتشعب والممتد في قطاعات الإدارة والصناعة والاقتصاد وغيرها، إن مسك زمام الأمور فيها أشخاص غير مؤهلين، أو أشخاص لا يمتلكون القدرة على «كشف» حقيقة البشر الآخرين، بحيث يميزون بين «الغث والسمين».
وحين تولى الأمور لغير أهلها، فابشر بالكارثة، والكوارث ملامحها تتضح وتبين بسهولة، فالمهمة المعنية بهذا القطاع حين تصل لمستوى الحضيض، فأنت لديك مشكلة. وحين تصل بأمورها المالية لحد الهاوية فأنت لديك مشكلة. وحينما يكثر استياء الناس وامتعاضهم فأنت لديك «مصيبة» وليست مشكلة.
على أي أساس تقوم بعض التعيينات في مواقع تملك صلاحية القرار في كثير من القطاعات؟!
هل نجيب أم نترك الناس تجيب، بالأخص من يعملون في القطاع العام، ويرون أمام أعينهم الأعاجيب.
في بعض قطاعاتنا العامة، من يحمل مؤهلاً علمياً عالياً، ومن يمتلك القدرات الواضحة التي تتحدث عن نفسها بنفسها، قد لا تراهم في مواقع تأثير أو مناصب هامة، بل غالباً ما تجد هؤلاء «مغيبين» أو «مستهدفين» أو «مظلومين»، لأن المعادلة مختلة وليست مستقيمة، والسبب في ذلك يرجع لـ«المسؤول الأول»، سواء أقام بذلك بوعي وإدراك، أو قام به بسبب «وسوسة» البطانة الفاسدة، أو أولئك القريبين منه ممن يعانون من أمراض «الغيرة» و«الحقد» و«الحسد»، الذين يوغرون صدره على كل كفاءة مؤهلة، يرون فيها تهديداً لهم، إن اقتربوا من المسؤول.
تخيلوا لو حرص كل مسؤول على تعيين المؤهلين «أصحاب الضمائر والأيادي» النظيفة والذين يضعون البلد أمام أعينهم، لو حرصوا على تعيينهم في مناصب، واستمعوا لمشورتهم ونصحهم، خاصة لو كان هؤلاء ينقلون له «نبض الناس» بكل صراحة وشفافية، الذين لا يجاملونه لـ«منصبه» و«بشته»، والله لانصلحت حال قطاعات كثيرة.
تريدون أن تدعموا المشروع الإصلاحي لجلالة الملك حفظه الله؟! تريدون أن تنفذوا توجيهات سمو رئيس الوزراء في شأن تصحيح الأخطاء؟! تريدون أن تواكبوا الرؤية المتقدمة في التطوير والارتقاء بمنظومات العمل التي يرفع لواءها سمو ولي العهد النائب الأول لرئيس الوزراء؟!
مكنوا الكفاءات، وقربوا منكم الوطنيين المخلصين المؤهلين، وأبعدوا عنكم كل «نمام» و«ذمام» و«انطباحي» و«منافق» و«منحط أخلاقياً» و«فقير في المؤهلات»، حينها تطبقون توجيهات ورغبة القيادة الرشيدة، وتسهمون في الإصلاح وتطوير الوطن.