استجابة سريعة من المجتمع البحريني لنداء المعنفة زهراء صبحي بعدما استعرض طليقها قوته وشدة عضلاته عليها، زهراء أصبحت في موقف لا يحسد عليه من بشاعة ما مرت به خلال ستة شهور من الضرب والتهجم والسب والشتم، وما قام به طليقها هذه المرة هو الأعنف والأسوأ في حق الإنسانية وفي حق المرأة التي تزوجها وأم أبنائه الخمسة التي عاشت معه على «الحلوة والمرة» بصفة خاصة.

زهراء لجأت هذه المرة إلى الإعلام وإلى وسائل الإعلام الاجتماعي بعدما ضاقت ذرعاً وضاق بها الوضع من تكرار تعرضها للتعنيف لتضع حداً فاصلاً لما يرتكبه هذا الرجل بحقها وحق أبنائه الذين كانوا ينظرون إلى أبيهم في وقت سابق أنه الأمن والاستقرار والملاذ الذي يلجؤون إليه متى ما احتاجوا إليه، ولكنهم صدموا بوحشية أبيهم وجريمته في حق أمهم الضعيفة.

مهما كانت المشكلة، لا يحق لهذا الرجل المتجرد من الرجولة أن يمد يده على أم أطفاله ويشوهها كما فعل، تبقى كل مشكلة لها الحل المناسب، ولكن استعراض العضلات أمر يرفضه المجتمع البحريني ولا يقبله على أحد، ويرفض بأن تهان كرامة المرأة بهذه الوحشية، ولن نبرر نوبة الغضب التي تتملك هذا الرجل كلما استاء من أمر ما، لأن الرجل وهو -رب الأسرة- يجب أن يتحلى بالصبر والحلم والعقلانية وحل جميع المشاكل بأسلوب لا يعرض أسرته للتعنيف أو القلق أو الخوف، والاطمئنان أقل الأشياء التي يقدمها الأب لأبنائه حتى ينشؤوا نشأة صحيحة بعيدة عن الظلم والقهر والخوف.

المرأة التي تسمح لزوجها بأن يتطاول عليها مرة، سوف تتلقى الضربات منه كلما غضب أو لم يعجبه منها شيء، وهذا ما فعل طليق زهراء عندما استشعر منها الضعف، لذلك على المرأة أن تعي تماماً حقوقها وعليها أن تعرف أن القانون في صفها دائماً إذا ما تعرضت للتعنيف أو تم سلب حق من حقوقها المشروعة، قال الله تعالى: «الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم»، ومعنى القوامة ليس تعريض المرأة إلى العنف الجسدي أو العنف اللفظي أو أي شكل من أشكال العنف وإنما القوامة هي القيام على الشيء، رعايةً وحمايةً وإصلاحاً ونفقة، هذا ما يجب أن يفقهه بعض الرجال الذين لا يعتنون بأسرهم ولا ينفقون عليهم ولا يهتمون بهم إهمالاً منهم للأمانة التي أودعت عندهم.

قضية زهراء صبحي أخذت حيزاً خارج إطار المحلية، وهزت الرأي العام في كل مكان، ذلك لأن المرأة الشرقية لها كرامتها ويجب عدم المساس بها أو العبث بحقوقها، وما تقوم به الجهات المعنية في مملكة البحرين لإنصاف زهراء هو أقل شيء يقدم لها، فكل الشكر والامتنان على «الفزعة» للمجلس الأعلى للمرأة وتخصيص محامٍ للدفاع عن زهراء ومتابعتها، وشكراً لوزارة التنمية الاجتماعية لرعايتها لأطفال زهراء، وشكراً لوزارة الصحة، وشكراً لوسائل الإعلام وبالأخص الصحف المحلية التي تبنت قضية زهراء منذ البداية، وشكراً للاتحاد النسائي البحريني، وشكراً لوزارة الداخلية، والنيابة العامة، وشكراً للمجتمع البحريني الذي اعتبر هذه القضية هي قضية تخص أخته وابنته، تفاعل واستنكار كل جهة معنية يعني «مسؤولية مجتمعية»، ولن يستقر المجتمع إلا بتحمل كل فرد وكل مؤسسة مسؤوليتهم تجاه قضايا الآخرين، معاً، يضع المجتمع حداً وفاصلاً لكل من يتعدي على حقوق الآخرين أو يعرضهم للخطر، ونحن واثقون تماماً بقضاء البحرين في إرساء الحقوق.