لا تنظر شعوب العالم إلى شعوب الخليج العربي على أنها شعوب متوحشة أو شريرة أو عدائية، بل ينظر لها في الغالب على أنها شعوب غنية مترفة في الثروة واستهلاكية السلوك. ولم يثبت في التاريخ الحديث أن قامت شعوب الخليج العربي بالاعتداء على دول الجوار أو شعوبها، لأن هذا السلوك ليس من طباع أهل الخليج بطباعهم الوادعة.

تلك هي الحقيقة التي يتم تجاوزها لأول مرة في تاريخ دول مجلس التعاون الخليجي في عملية نوعية تتحول فيها دولة خليجية إلى دولة مارقة تتجاوز كل القوانين والأنظمة والأعراف الدولية، وتتوحش بتحالفها مع دول مارقة أخرى مثل إيران وإسرائيل.

نحن أمام ظاهرة تتحول فيها دولة قطر إلى دولة مارقة بتورطها وتمويلها ودعمها الإرهاب في الشرق الأوسط دون حساب أو عقاب. وتمادت الدوحة وأمعنت في تماديها بعد رفضها شروط دول المقاطعة إثر وساطة كويتية، لتؤكد تمسكها بالإرهاب منهجاً وسياسة، وبإيران حليفاً وصديقاً.

رغم التباينات الخليجية - الخليجية التي تحدث بين وقت وآخر نتيجة اختلاف الرؤى والتصورات، إلا أنه لم يسبق أن وقفت دولة خليجية مع بلد عدو مثل إيران أو إسرائيل ضد دول المنظومة الخليجية، هذا هو موقف الدوحة وخيارها الاستراتيجي، حيث وجدت في أعداء الخليج سنداً وقوة لها، وفضّلتهم على دول المجلس.

اعتدنا على توحش دول أجنبية وعدوة، عاثت فساداً حول العالم، لكننا لا نتصور كيف يمكن أن تكون الدوحة دولة متوحشة ومارقة. حيث صارت مياه الخليج العربي ملوثة الآن بتورط طهران والدوحة في جرائم إرهابية لا نهاية لها.

يبدو أن التاريخ السياسي للخليج العربي سيكتب الآن بصراع جديد بين الدول المعتدلة والدول المارقة، وهو صراع طويل يتجاوز الأيديولوجيا إلى الإعلام والعلاقات الاجتماعية، وهي معركة مصيرية ولازمة لحسم مستقبل ظاهرة التطرّف والإرهاب التي كرّسها محور الدوحة - طهران في المنطقة.

توحش قطر بداية مرحلة قاسية في العلاقات البينية الخليجية - الخليجية، سيكون فيها الرهان على الدعم الإيراني وهماً، لأنه محور مارق سينتهي يوماً، لأنه يعاني من تناقض صارخ في الأيديولوجيا والمصالح. قد تظن الدوحة أن تحالفها مع طهران سيساعدها على تخطي مرحلة المقاطعة وتداعياتها، لكنها تتجاهل أن هذا التحالف هو انسلاخ للهوية العربية الأصيلة المكون الأساس لهوية شعب قطر، وهذا ما تقوم به حكومة الدوحة دون أدنى اكتراث بهذه الحقيقة، فالتوحش وانسلاخ الهوية لا دخل للشعب فيه، بل هو من صنع حكومة آمنت بالإرهاب والفوضى خطاً استراتيجياً لها.