بالأمس كانت الصورة الدولية للخليج العربي ضبابية وغير مكتملة العناصر، ناهيك عن بعض الصور الخارجة عن الحقيقة كالتي قدمت الخليج العربي ضعيفاً هزيلاً مسيّراً أمام العالم، خلافاً لما بات عليه اليوم، ورغم تتالي الخيبات في كثير من القنوات التي من شأنها تقديم صورة ذهنية إيجابية عن الخليج العربي، إلا أن الدبلوماسية الخليجية في سنواتها الأخيرة قد فعلت. وانطلاقاً من البحرين، كلنا بلا شك لمسنا دور الدبلوماسية الشعبية في أعقاب أزمة البحرين وحتى اليوم في تحسين صورة البحرين في الخارج بعدما شوهتها إيران وعملاؤها، من إقامة الفعاليات البحرينية المختلفة في المجتمع الدولي والمشاركة البحرينية الفاعلة في المؤتمرات والندوات ذات الأهمية حول العالم وفي كبريات الدول. فضلاً عن الدور الذي لعبته الرياضة متمثلة بمشروع «الفورمولا 1» بداية، ثم بجملة من الفعاليات والبرامج الرياضية التي أقامها سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة بريادة قلّ نظيرها في المجال، باستضافات ومشاركات دولية رياضية مهمة. وقد احتفت البحرين مؤخراً بجائزة عيسى لخدمة الإنسانية، وهي واحدة من المبادرات الإنسانية المهمة في المنطقة والتي تقدم الصورة المشرقة للبحرين وتعكس تسامح شعبها.
من جهة أخرى، فنجاح الدبلوماسية الإماراتية في السنوات الأخيرة قد بات مشهوداً وشاهداً عليه الاجتذاب الضخم للاستثمارات، وبناء الإمارات علاقات شراكة استراتيجية دولية، يعززها من جانب آخر المبادرات الرائدة والذكية لملك الإبداع سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ولعلي أورد هنا أهم مبادرتين تابعتهما عن قرب «تحدي القراءة العربي»، ومن ثم «صنّاع الأمل».
أما الدبلوماسية السعودية، فقد تفوقت في تقديم المملكة كنائب أول للعرب والمسلمين، وقائد لهم، وهي زعامة مستحقة -بلا أدنى شك- مدعومة ببذل الجهد والمال في قضايا العرب والمسلمين. وقد بدت تجليات تلك الصورة واضحة بالقمم «ثلاثية الأبعاد» التي شهدتها المملكة - حسب تعبير أورده زميل لنا في مجموعة مراقبة الخليج.
وقد مكّن موقف الحياد، ولعب دور «إطفائي الخليج» عبر الوساطة الخليجية والإقليمية من نجاح الدبلوماسية الكويتية وفوزها مؤخراً بمقعد غير دائم العضوية بمجلس الأمن الدولي.
* اختلاج النبض:
إن القوة الناعمة التي تمتعت بها دول أثبتت تفوقها عالمياً، ليست بعيدة المنال عن الخليج العربي، فالخليج لطالما حظي بتلك الأدوات كجزء من فطرته، متسامحاً، مبادراً، لمّاحاً، مفاوضاً، قائداً، وقوياً، بحكم طبيعته العربية ومنشئه الأصيل، غير أن تلك الأدوات كانت بحاجة لمن يكسبها حلة جديدة تمكن من إعادة أمجادها واستثمارها على نحو أمثل، وهذا ما حدث مؤخراً مع الدبلوماسية الخليجية الصاعدة.