قبل عدة أيام، قام وزير الدفاع الماليزي هشام الدين حسين بزيارةٍ إلى البحرين حيث استقبله حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، والتقى بعددٍ من كبار المسؤولين بالدولة. ومما لا شك فيه أن الهدف من هذه الزيارة هو تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات عدة خاصةً وأن ماليزيا دولة ذات ثقلٍ سياسي واقتصادي، ولاعب أساس في رابطة جنوب شرق آسيا «الآسيان» ومنتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ «أبيك». كما أن هذه اللقاءات تتماشى مع رؤية جلالة الملك حفظه الله بشأن بناء تحالفٍ آسيوي يحقق مزيداً من الأمن والرفاه الاقتصادي والاجتماعي. ومن المهم أن ندرك بأن ضيف البلاد شخصية مهمة في ماليزيا ليس لأنه على رأس وزارة سيادية فحسب، بل لأنه الخليفة المحتمل لرئيس الوزراء الحالي في ماليزيا نجيب عبدالرزاق.
فهشام الدين ينتمي إلى أسرةٍ لها باعٌ طويلٌ في العمل السياسي في ماليزيا، إذ إن والده هو المرحوم حسين بن عون الذي تولى رئاسة الحكومة لعدة سنوات، وجده هو المرحوم عون بن جعفر مؤسس حزب منظمة الملايو الوطنية المتحدة «أمنو» الحاكم. وقد انضم هشام الدين إلى التشكيل الوزاري في عهد رئيس الوزراء السابق د.مهاتير محمد حيث تولى -خلال السنوات الماضية- عدة وزارات وهي: الداخلية، والتعليم، والشباب والرياضة بالإضافة إلى منصبه الحالي. ويبدو أن حزب «أمنو» بصدد تهيئة هشام الدين -وهو الرجل الثالث في الحزب- من أجل انتخابه نائباً أول لرئيس الحزب ومن ثم تعيينه نائباً لرئيس الحكومة خلفاً لـ د.أحمد زاهد حميدي. وهذا مؤشرٌ قوي على إمكانية تولي هشام الدين رئاسة الحكومة الماليزية في المرحلة المقبلة.
ولكن يجب على هشام الدين أن يدرك حجم التحديات التي سيواجهها مستقبلاً، وسوف أبرز بعضاً منها. فمن ضمن تلك التحديات الحفاظ على مستوى الأداء الاقتصادي في ظل «رؤية 2020» التي أطلقها مهاتير محمد في عام 1991، وهذه الرؤية تتركز على المسائل الثقافية والاجتماعية والاقتصادية خاصةً وأنه توجد في ماليزيا عدة مجموعات عرقية كالملاويين والصينيين والهنود. أما التحدي الثاني فيتمثل في قيام د.مهاتير محمد بالاشتراك مع نائب رئيس الوزراء السابق محي الدين ياسين -وكلاهما عضوان سابقان في أمنو- في تأسيس حزبٍ جديد يمكن أن يتسبب في استقطاب عددٍ من أعضاء أمنو وعلى الأخص الشباب، ويؤثر على نتائج الانتخابات التشريعية المقبلة في ماليزيا. وهذا يعيد إلى الأذهان الأزمة التي عصفت بماليزيا في عام 1987 والتي كادت أن تقسم الخريطة السياسية هناك إلى شطرين وتعطل عجلة التنمية لولا لطف الله. وتعود أسباب هذه الأزمة إلى المنافسة الشرسة التي جرت بين مهاتير محمد ووزير المالية السابق تانكورزاليغ حمزة على زعامة حزب «أمنو» والتي امتدت إلى أروقة المحاكم بعد فوز مهاتير على منافسه بنسبةٍ ضئيلة، وصدور حكم المحكمة العليا بحل حزب «أمنو» بتنظيمه الأصلي.
أتمنى أن أرى ماليزيا دوماً مزدهرة وآمنة ومثالاً يحتذى به للدول الأخرى وعلى الأخص الدول الإسلامية.