هذا ما كنا نؤكد عليه قبيل انتهاء فترة الرئيس الأسوأ في تاريخ أمريكا باراك أوباما، من أن خط الولايات المتحدة السياسي «المنحرف» تجاه حلفائها وأصدقائها، سيتم تعديله فور تولي الرئيس دونالد ترامب مسؤولية الأمور.

أوباما في زمنه السيئ، قام بدعم جماعات ثيوقراطية وراديكالية ومجموعات انقلابية تنهج الإرهاب خطاً لها في عديد من البلدان بالشرق الأوسط، وكانت البحرين واحدة من أهمها.

هو سلم العراق للإيرانيين، وأبرم اتفاقاً غير متوقع مع خامنئي للإفراج عن مليارات مجمدة، وفتح الباب على مصراعيه أمام طهران لتمارس ما يحلو لها ضمن برنامجها النووي.

في فترة أوباما السيئة، نشط الانقلابيون في البحرين، وكانت لهم اجتماعات علنية وسرية في السفارة الأمريكية بالبحرين، وكانت عناصر الوفاق ووفودها آتية وغادية للسفارة أو بيت السفير الأمريكي.

لكن كل ذلك تغير، والخطاب الأمريكي تبدل بشأن البحرين، والإعلان الصريح بأن لإيران ضلوعاً كبيراً ودوراً في عملية دعم الإرهاب في بلادنا، إعلان مباشر وواضح لا تتردد الإدارة الأمريكية عن التأكيد عليه.

ما حصل أمس الأول من قيام السلطات الأمريكية بوضع شخصين يعتبران نفسيهما بحرينيين ومحسوبين على «خلايا الأشتر» الإرهابية على قائمة الإرهابيين العالميين، وتجميد مصالحهما وما يملكانه تحت السلطات القضائية الأمريكية، إعلان صريح على بدء التعامل الصارم مع أولئك الذين يدعون أنهم ناشطون، بينما هم في الحقيقة إرهابيون يعملون ضد البحرين ويتخذون من بلدان أجنبية مقار لهم.

فقط لاحظوا الفرق في صياغة الكلام وإطلاقه بين إدارة أوباما وإدارة ترامب، فالأول كان يدعي أنه صديق للبحرين وحليف لها، لكنه أورد ذات مرة على لسانه اسم «الوفاق» الانقلابية الموالية لإيران، معتبراً إياها طيفاً سياسياً يجب التعاطي معه، غاضاً النظر عن تحريضها ودعمها للإرهاب ودعوتها لاستهداف رجال الأمن. لكن الثاني -ترامب- تقول إدارته بصريح العبارة: «إجراءات الحكومة الأمريكية تأتي في أعقاب ازدياد العمليات الإرهابية ضد البحرين، والتي تمولها إيران بالمال والأسلحة والتدريب بما يمثل إرهاباً مدعوماً من الدولة الإيرانية».

كتبت سابقاً عن «حالة الغزل» الوفاقية الأمريكية في ظل «العلاقة الآثمة» التي شهدتها أروقة السفارة وبيوت السفراء السابقين، بأن الوفاق التي توالي خامنئي حتى النخاع، نصبت الولايات المتحدة في موقع «الولي الفقيه» السياسي، رغم أن الخميني كان قد أطلق وصفاً على أمريكا بأنها «الشيطان الأكبر».

قلت يومها بأن «التقية السياسية» هي دوماً محرك لهذه الجماعات الطائفية التي يمكن لها أن تتحالف مع الشيطان نفسه، لو كان التحالف معه يخدم مصالحها، وأنها اليوم ترمي بنفسها في «حضن» الأمريكيين، لكنه شهر عسل لن يدوم، إذ فقط لو قامت الولايات المتحدة بتصحيح مسارها الدبلوماسي والسياسي مع البحرين، فسنرى كيف يتحول مديح الانقلابيين للأمريكيين إلى شتم وتطاول وإعلان العداء.

ما قامت به السلطات الأمريكية في إطار محاربتها للإرهاب والجريمة، يأتي ليضرب هذا التعويل الانقلابي على لوبيات أمريكية تدعمهم واتخذت من إدارة أوباما السابقة غطاء لها، وهو مؤشر صريح وواضح على تعديل المسار الذي تحدثنا عنه في مرات سابقة، فإدارة ترامب ساعية لإصلاح ما أفسده أوباما، ولإعادة تقوية علاقاتها مع الدول الصديقة والأقطاب العالمية، إذ العلاقات تقوى بالتعاون مع الدول والأنظمة التي تمشي في طرق صحيحة وتسعى للبناء والتطوير من أجل شعوبها، لا عبر دعم إرهابيين وانقلابيين ومجرمين ليقوموا بزعزعة الأمن والاستقرار في هذه الدول، مثلما فعل أوباما.

تأتي الخطوة الأمريكية التي لاقت ترحيباً بحرينياً وخليجياً، في أعقاب إلقاء السلطات الألمانية القبض على شخص بحريني يضطلع بدور رئيس في إنشاء شبكة إرهابية في البحرين خططت للقيام باعتداءات إرهابية في بلادنا.

كل هذه الخطوات تبشر بأن الإرهاب الذي يستهدف البحرين في طريقه للاندحار وتلقي الضربات الموجعة حتى يجتث من جذوره، وأنه من كان يعول على تشكيل حاضنات لتلكم الخلايا في دول أجنبية فإنه مجبر لإعادة حساباته، وأن يكتفي ببؤر الشر التي تمولها إيران لاحتضان عناصره.