حينما تريد أن تنتقل من مرحلة «التمنيات» أو «الفرضيات» إلى مرحلة «الواقعية»، لا بد وأن تستخدم آليتين لازمتين، تتمثلان في «الحسم والسرعة».
الكثير من الأمور المعطلة يمكن أن تحل باستخدام هاتين الآليتين، والكثير من المشاكل يمكن أن تعالج، لو تم استخدام هذه الأدوات في وقتها، وبأسلوب احترافي.
أعلاه بالضبط هي ترجمة «علمية» و«إدارية» للتوجيهات التي صدرت في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة برئاسة صاحب السمو الأمير خليفة بن سلمان، وبحضور صاحب السمو الأمير سلمان بن حمد ولي العهد النائب الأول حفظهما الله.
هناك عدة أمور نوقشت في جلسة كان جدولها مزدحماً، لكن نتائجها تتجه لتحريك عديد من الأمور في اتجاه صحيح، وبحرص على تفعيل أدوات «الحسم والسرعة».
لندرك هنا أن أي «تعطيل» في عمل أي قطاع في الحكومة، يعني تعطيلاً لمصالح الناس، وأي غياب للحسم في ملفات معينة، يعني أن المشاكل في تلكم الملفات قد تزيد وتتفاقم، إضافة إلى أن تعطل عملية الحسم في شؤون وأمور يعني أن الإنجاز فيها قد يتأخر، أو تقل كفاءته، أو يتحول من نقاط إيجابية إلى نقاط سلبية.
بالتالي، هنا الدرس الذي يحاول أن يرسخه دائماً الأمير خليفة بن سلمان لدى مسؤولي الحكومة من خلال توجيهاته، وكذلك يعمل بموجبه الأمير سلمان من خلال تحركه ومتابعاته الجادة ووقوفه على الأمور، الدرس هو أن السرعة لا بد وأن تكون عاملاً رئيساً في عمل القطاعات والمسؤولين، لكن سرعة مع مستوى عالٍ من الاحترافية، لا سرعة ارتجالية فيها من التهور والاستعجال غير الحميد، إذ آلية «السرعة» إن استخدمت بغير طريقتها الصحيحة يمكن أن تجلب عليك كارثة.
كذلك الحسم، إن تم ترك الأمور هكذا دون تعامل سريع وحاسم، ينهي المشكلة ولا يترك لها أية بذور في الأرض، من شأنها أن تنبت لها جذور في المستقبل، فإنك تنتقل من محاولة الحسم إلى الترقيع، وفي الترقيع لا شيء يستقيم لأنك لا تنهي «العلة» إلى الأبد، بل تسكنها بمخدر موضعي يزول تأثيره بزوال الوقت.
عموماً، أمام جهات الدولة عديد من المهام التي يجب أن تنجز بسرعة وحسم، وبحسب ما نراه من حراك في جلسات مجلس الوزراء واللجان الوزارية، فإن هناك متابعة لتنفيذ التوجيهات الصادرة من رئيس الحكومة ونائبه الأول.
وهنا للتذكير بالأمور التي صدرت فيها التوجيهات، وما يجب على الجهات المعنية اتخاذه من إجراءات باستخدام آليتي الحسم والسرعة، لكن بمستوى احترافي مطلوب.
على ديوان الخدمة المدنية أن يمنح المواطن الأفضلية المطلقة في أية عمليات توظيف، وأن الحكومة عليها مسؤولية إيجاد فرص عمل مشجعة ولائقة ومناسبة للبحرينيين.
على وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني سرعة صرف التعويضات لمستحقيها عن الاستملاكات التي تمت في أغسطس الماضي، خاصة وأن هذا الملف وصلتنا فيه عدة ملاحظات من مواطنين مازالوا بانتظار صرف تعويضاتهم وأنها تأخرت لزمن.
أيضاً المسألة التي استقطبت الاهتمام هذه الأيام، والمتمثلة بوفاة طفلين في مستشفى السلمانية، حيث جاء التوجيه بتحقيق في الواقعة والوقوف على الأخطاء الإدارية والطبية التي أدت لهذه النتيجة، مع الإعلان بأنه ستكون هناك إجراءات عادلة ورادعة وشفافة قائمة على النزاهة والحيادية في حال ثبوت وجود إهمال أو تقصير.
إضافة إلى ذلك، التوجيه برفع تقرير عاجل للوقوف على مستوى وجودة الرعاية والعلاج في المؤسسات الطبية الحكومية ومقترحات التطوير والاحتياجات، إذ لا يجب القبول بأي تراجع في مستواها ووجوب حصول المواطنين على أفضل الخدمات الطبية.
أخيراً، التوجيه لكافة الوزارات والجهات الحكومية بالتعاون الوثيق مع وزارة شؤون الإعلام فيما يتعلق بالإجابة على تساؤلات واستفسارات المواطنين التي تطرح عبر وسائل التواصل المختلفة، بحيث تكون هناك ردود إعلامية تفاعلية سريعة تسهم في تنوير الرأي العام.
هذه التوجيهات، أراقبها بشكل دقيق، وأتخيل معها وجود «سرعة» و«حسم» من قبل القطاعات المعنية، بحيث لا تأتي جلسة مجلس الوزراء القادمة، إلا وكافة التوجيهات التي صدرت متحققة، بحيث تنتهي ملفاتها، أي تحقيق الصحة والتقرير العاجل انتهى منه، وصرف التعويضات بشأن الاستملاك يكون قد استوفى وأخذ كل ذي حق حقه، وأن وزارة شؤون الإعلام تحصلت على إجابات عديدة من الوزارات المختلفة رداً على تساؤلات الناس وقامت بمنح من سأل إجابة تنوره وتوضح الأمور له، وأيضاً تقرير من ديوان الخدمة للحكومة يوضح فيه حجم فرص العمل المتوفرة للمواطنين في الفترة القادمة.
تخيلوا لو عملنا بمثل هذا الأسلوب، وبمستوى السعي لتحقيق الإنجاز بسرعة وحسم، وفي مدى زمني يصل أقصاه لأسبوع في حل المشاكل وتلبية التوجيهات التي يمكن تحققها واقعياً في أسبوع، تخيلوا كم من المشاكل والمعوقات سننهيها، وكم من مدد الانتظار سنقضي عليها، وكم سينعكس ذلك إيجاباً على البشر؟!
سرعة وحسم، أضف إليها الذكاء في التنفيذ، تنتهي لنتيجة واقعية مقرونة برضا مجتمعي ذي نسبة متصاعدة.
هذه هي المعادلة الذهبية.