لافتات أكبر بكثير من حجم البوابة الرئيسية لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية تضعها بعض المؤسسات الدينية والسياسية على مداخل ومخارج الشوارع والطرقات العامة وفي كل مكان لا يخطر على بال بشرٍ تدعو للتبرع وجمع الأموال لدول وشعوب العالم إلا البحرين. هذا كله يحدث إضافة لتوزيع الكثير من المنشورات داخل دور العبادة ناهيكم عن توزيعها فوق زجاج السيارات وداخلها دون أخذ الإذن من أصحابها تتضمن ذات المحتوى المشبوه.
لدينا الآن بعض الأسئلة البريئة هنا. هل تعلم وزارة العمل والتنمية الاجتماعية عن كل تلكم اللافتات والبيارق التي تدعو لجمع الأموال بطريقة «جهادية» لدول الصراعات الساخنة؟ وهل تقرأ الوزارة مثلما نحن نقرأ ما تتضمنه اللافتات من عبارات دينية وسياسية حين تساوي بين فريضة جمع الأموال لدول الصراعات الطاحنة وبين فريضة الجهاد في سبيل الله؟ هل أعطت الوزارة المعنية بهذا الشأن الرخص الرسمية للأفراد والجمعيات السياسية لجمع الأموال وبهذه الطريقة التي لا يمكن أن نجدها إلا في المدن والأرياف الدينية لدول النزاعات؟ وهل العبارات «الجهادية» التي تتضمنها تلك اللافتات والمناشير مرخصة من طرف وزارة التنمية أم أن المسؤولين لا يقرؤون شيئاً ولا يبصرون؟
بداية نود أن نقول هنا وبكل شفافية إننا لسنا ضد جمع الأموال للمحتاجين والمنكوبين للشعوب الفقيرة وللدول الأخرى، فلا أحد يستطيع أن يقف ضد الأعمال الإنسانية والقيم الإسلامية التي تحث على الصدقات والزكوات لمساعدة المحتاجين والفقراء والمعدمين، لكننا ضد طريقة جمعها التي نشاهدها اليوم في شوارع مملكة البحرين والتي عادة ما تتم خارج نطاق الدولة والقانون، فحين يقوم رجل الدين أو أية مؤسسة دينية أو سياسية بوضع لافتات يفوق حجمها حجم «باب البحرين» تدعو الناس في هذا البلد الآمن لجمع التبرعات «للمجاهدين» والمحتاجين في دول النزاعات الساخنة فهذا يعني أن وزارة العمل نائمة في «العسل»، ولأنَّ هذا السلوك المريب يعارض سلوك دولتنا المدنية التي تفرض عبر دستورها أن يكون جمع التبرعات من داخل مؤسساتها وليس من خارجها، وأن تكون الحكومة هي المشرفة المباشرة على هذا الأمر. إنَّ جمع الأموال خارج نطاق القانون يعتبر فوضى يا وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وهو منافٍ تماماً لمضامين خطاب سمو ولي العهد الأخير والذي دعا فيه لتقليص صلاحيات رجال الدين المنفلتين ومؤسساتهم الدينية التي بسلوكها هذا ربما تورط الدولة فتدخلها في حسابات سياسية دولية معقدة بسبب وزارة لا تريد أن تفرض كلمتها من خلال الدستور دون الحاجة للنظر في رغبة رجل دين متهور أو جمعية سياسية بعينها.
الأمر الأخير الذي نودّ أن نتحدث فيه هنا بخصوص مسألة التبرعات الخارجية، فنؤكد لجميع الجهات الداعية للتبرع ولكافة الجهات المتبرِّعة أنه من الأولى أن يكون جمع التبرعات للمحتاجين من الفقراء والمعوزين داخل الوطن «البحرين»، دون الحاجة لإخراجها خارجه، والتي قد تصل لجهات مجهولة أو ربما إرهابية دون علم الدولة بذلك، مع إمكانية سرقتها حين يتم جمعها بهذه الكيفية المريبة. نحن ننصح وزارة العمل والتنمية الاجتماعية أن تستيقظ من سباتها فيما يخص هذا الأمر الخطير جداً، وأن تقنن وتنظم عملية جمع التبرعات والأموال داخل القانون وليس خارجه، وهذا من بديهيات عملها كوزارة راعية لأموال المتبرعين. أتمنى أن تكون رسالتنا وصلت لمن يهمه أمرالبحرين ويعنيه أمنها.