نحو ثمانية من المسؤولين المعينين رسمياً أو المرشحين لتولي مناصب في إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب يحملون مواقف متشددة إزاء الاتفاق النووي مع طهران، وبعضهم يتبنى إنهاء هذا الاتفاق بشكل نهائي.
مثل هذا التوجه قد يلاقي أصداءً جيدة لدى دوائر صنع القرار الخليجية، لكن السؤال هنا: إلى أي مدى تتمتع الإدارة الأمريكية المقبلة بمرونة وقدرة على إلغاء هذا الاتفاق المشترك مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي من جهة وإيران من جهة أخرى؟
هناك اتفاقات كثيرة، أبدت الإدارات الأمريكية المتعاقبة تحفظات عليها، وبعضها تعرّض للتلويح بإلغائه مستقبلاً، لكن ذلك لم يتم بالشكل الذي يتصور أنه انسحاب حقيقي من الاتفاق أو إلغاء نهائي، ومن أبرز الأمثلة انسحاب الولايات المتحدة من دعم بروتوكول كيوتو في العام 2001، ويعد هذا البروتوكول بمثابة إطار تنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن التغير المناخي وهي أهم اتفاقية بيئية على مستوى العالم.
التقارب الأمريكي ـ الإيراني لم يبدأ منذ عهد الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما في ولايتيه الأولى أو الثانية، بل كان التقارب أقدم من ذلك بكثير، ويعود إلى فترة رئاسة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن إن لم يكن أقدم. مما يعني أن التقارب تم عبر 4 إدارات أمريكية تعاقبت على حكم البيت الأبيض، وبالتالي التزمت جميع هذه الإدارات الأربع بتطوير علاقاتها مع طهران إلى أن أبرم الاتفاق المثير للجدل.
إذا جاء الرئيس ترامب وأعلن إلغاء الاتفاق من جانب أحادي من قبل واشنطن، فإنه قد يكون سارياً بين عدد من الدول الأوروبية وطهران، وليس معروفاً التكييف القانوني لهذه العملية بعد.
المسألة الأهم لدى الإدارة الأمريكية المقبلة، هي أنها بين خيارين، إما تطوير علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي، أو تطوير علاقاتها مع إيران. كلا الخيارين صعب بالنسبة لواشنطن، فدول المنظومة الخليجية تعاني من فقدان للثقة تجاه السياسات الأمريكية المتعاقبة، وهذه الثقة امتدت حتى الشعوب الخليجية التي ترى في حكام البيت الأبيض أداة لتغيير خريطة المنطقة. أما طهران فإنها تسعى لضمان استمرار التحالف الأمريكي ـ الإيراني بتعظيم مكتسباته الاقتصادية والتجارية بين الطرفين مقابل تجاهل أدوارها الإقليمية في المنطقة نحو التحول إلى قوة إقليمية عظمى، والسيطرة على مجموعة من دول المنطقة.
الأمريكان هم الأكثر فهماً لتقييم مصالحهم الإستراتيجية، لكننا بانتظار خياراتهم بعد أسبوعين من اليوم، إما عواصم الخليج العربية أو طهران، الوقت كفيل بكشف كل هذه المسائل.